انتخابات 8 شتنبر 2021 ... انتخابات استثنائية



مشاركة نسائية مهمة، اعتماد وجوه تقليدية للظفر باستحقاقات 8 شتنبر، واستغلال الأطفال لإنجاح الحملات الانتخابية.


أيوب اللوزي صحافي متدرب باطلس 24.

شهدتالقوانين المنظمة لانتخابات 8 شتنبر 2021، تعديلات مهمة بهدف تقوية الإجراءات المتعلقة بجعل الانتخابات تجسيدا لمبدأ المناصفة الذي نص عليه الدستور المغربي، سواء تعلق الأمر بانتخاب أعضاء المجالس الجماعية والمجالس الجهوية أو انتخابات أعضاء مجلس النواب. إلا أن الحملات الانتخابية تشهد مجموعة من الخرقات سواء تعلق الأمر بالقانون المنظم لها، أو الاتفاقيات الدولية التي تهم صون وضمان حقوق الإنسان عموما والطفل منها خصوصا.

قانون 04.12 تعديل قانوني جديد يجسد مبدأ المناصفة

يعد القانون التنظيمي رقم 04.21 المتعلق بمجلس النواب، تجسيدا لمبدأ المناصفة التي نص عليها الدستور. حيث يهدف هذا القانون إلى تشجيع تكافئ الفرص بين النساء والرجال في ولوج المهام الانتخابية للرفع من مستوى التمثيل النسائي بالهيئات المنتخبة.

ويشترط القانون أن تتضمن كل لائحة ترشيح أسماء مترشحات لا يقل عددهن عن ثلثي عدد المقاعد الواجب ملؤها في كل دائرة انتخابية جهوية، مع تخصيص المرتبتين الأولى والثانية في كل لائحة ترشيح حصريا للنساء، ولا يحول ذلك دون حقهن في الترشح برسم المقاعد المحددة للدوائر الانتخابية المحلية، إلى جانب اشتراط التسجيل في اللوائح الانتخابية للجماعات الواقعة في النفوذ الترابي لجهة معنية لضمان تمثيلية جهوية حقيقية.

وبالتالي فهذه التحسينات شملت كل من التمثيلية النسائية بمجلس النواب ومجالس الجماعات الترابية، كما عمل قانون  04.21 على ضمان تمثيلية فعلية للنساء داخل هذه المجالس، حيث يخصص ثلث المقاعد للنساء في كل مجلس عمالة أو إقليم.

وفيما يخص المجالس الجماعية، فإن القانون ينص على الرفع من عدد المقاعد المخصصة للنساء في مجالس الجماعات الخاضعة لنمط الاقتراع الفردي من 4 إلى 5 مقاعد، في حين يحدد عدد المقاعد المخصصة للنساء في مجالس الجماعات التي ينتخب أعضاء مجالسها بواسطة الاقتراع باللائحة في 8 مقاعد بالنسبة للجماعات التي لا يفوق عدد سكانها 100 ألف نسمة، و10 مقاعد في الجماعات التي يزيد عدد سكانها على 100 ألف نسمة. وفي ما يخص الجماعات المقسمة إلى مقاطعات، فإن عدد المقاعد المخصصة للنساء يتحدد بالنسبة لمجلس الجماعة في 3 مقاعد عن كل مقاطعة وفي 4 مقاعد في مجلس كل مقاطعة.


وقد شهد حضور المرأة المغربية على مستوى مجلس النواب (البرلمان) ارتفاعاً مطرداً منذ سنة 1993، إذ انتقل من تمثيل محدود بنائبتين، إلى 35 نائبة في انتخابات 2002، و34 نائبة في انتخابات 2007، ليرتفع عددهن إلى 67 نائبة في انتخابات 2011. وفي اقتراع 2016 فازت 81 نائبة في الانتخابات من أصل 395 بنسبة 20.5 في المائة، 60 منهن وصلن عن طريق اللائحة الوطنية وتسع عبر اللوائح المحلية، و12 عبر لائحة الشباب. كذلك، بلغ عدد النساء في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان) 13 مستشارة من أصل 120 عضواً في التركيبة الحالية للمجلس.

في المقابل، ارتفع تمثيل النساء في البلديات من خلال الانتخابات البلدية والجهوية السابقة من 12 في المائة إلى 27 في المائة، ومن 2.9 في المائة إلى 37 في المائة على مستوى الجهات. فيما ظلت نسبة البلديات التي تترأسها نساء لا تتعدى 1 في المائة.

لوائح نسائية المائة بالمائة

قدم حزب الحركة الشعبية، في سابقة وطنية لائحة نسائية بنسبة 100 في المئة على مستوى مقاطعة جليز بمراكش، لخوض غمار الانتخابات الجماعية المقرر  إجراؤها في 8 شتنبر 2021.


تقود هذه اللائحة النسائية حسب قصاصة لوكالة الأنباء المغربية، المنسقة الإقليمية لحزب “السنبلة” بالمدينة الحمراء عزيزة بوجريدة، إذ أكدت في تصريح لها للوكالة أنه “في سابقة من نوعها في تاريخ الانتخابات الجماعية بالبلاد، وفي سياق التوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الرامية إلى النهوض بالمشاركة السياسية للمرأة، قدمنا لائحة نسائية خالصة للدفاع عن قضايا المرأة المغربية، لاسيما بالعالم القروي”.

وأفاد ذات المصدر أن بوجريدة، تشيد بأن “حضور المرأة في تدبير الشأن العام ، على الأصعدة المحلية والجهوية والوطنية، هو ضمانة لكل تنمية وأن نجاح هذه اللائحة سيشكل تكريما للمرأة المغربية، ولبنة جديدة على درب النهوض بأوضاعها ”.

حملة انتخابية رقمية في ظروف استثنائية

انطلقت الحملات الدعائية لانتخاب أعضاء المجالس الجماعية والمجالس الجهوية وانتخاب أعضاء مجلس النواب المقرر إجراؤها يوم 8 شتنبر 2021، في ظروف استثنائية مرتبطة بالحالة الوبائية التي تشهدها البلاد بسبب جائحة كورونا. وفي ظل هذا قرر وزارة الداخلية تنظيم الحملة الانتخابية بوضع مجموعة من القيود والشروط لتنظيم الحملات الانتخابية.

وفي إطار ذلك وجهت وزارة الداخلية مجموعة من التعليمات للولاة والعمال، خاصة ما يتعلق بالسماح بتوزيع المناشير في الحملات الانتخابية بضرورة ارتداء الكمامة والقفازات، واحترام التباعد الجسدي، واستعمال المعقم، وتفادي التجمعات.

 هذا إلى جانب مجموعة أخرى من التدابير من بينها: عدم تجاوز 25 شخص في التجمعات العمومية داخل الفضاءات المغلقة والمفتوحة، عدم تنظيم التجمعات الانتخابية بالفضاءات المفتوحة التي تعرف توافد كثير للأشخاص، تنظيم المواكب بالسيارات (خمسة سيارات على أقصى تقدير)، ومنع تنظيم الحملات الانتخابية بالأماكن الخاصة بالعبادة، المؤسسات التعليمية، والتكوين المهني وبالإدارات العمومية....

هذا ما دفع إلى تنظيم حملة انتخابية رقمية بلجوء مرشحي الأحزاب إلى التعبئة على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، بخلق منصات على  “فيسبوك” و”يوتيوب” و”تويتر”...، كمحتوى مؤدى عنه ليظهر لأكبر عدد من المتصفحين للمنصات المعروفة كبديل للتعبأة التقليدية لأعضاء الأحزاب في قاعات كبيرة أو المركبات الرياضية، بالإضافة إلى الحضور على المستوى الإعلامي بشكل كبير.

وجوه تقليدية بديل التشبيب السياسي

نشرت جريدة “هسبريس” الإلكترونية تقرير لها، الخميس 8 يوليوز 2021، أقرت من خلاله أن الأحزاب المغربية تدخل غمار المنافسة في الانتخابات التشريعية المقبلة بوجوه تقليدية معروفة، في عجز واضح منها على تشبيب مرشحيه لتمثليها في استحقاقات 8 شتنبر 2021.

وأفاد التقرير بأن المعطيات الواردة من مجموعة من الأحزاب الكبرى تفيد بأن هذه الأخيرة تعتمد في الاستحقاقات المقبلة على “الماكينات الانتخابية” لضمان الحصول على مقاعد بمجلس النواب، وبالتالي تصدر نتائج الانتخابات.

وفي السياق ذاته نقلت الجريدة عن محمد بنجلون التويمي، القيادي في حزب “الأصالة والمعاصرة”، قوله إن اللجوء إلى الوجوه المعروفة والتقليدية يرجع بالأساس إلى كون كل تنظيم سياسي يرغب في الحصول على المقاعد البرلمانية لضمان موقع متقدم بالمشهد السياسي.

وأضاف المصدر ذاته، بأن “المغرب لم يصل بعد إلى مسألة التصويت على الأحزاب، إذ يتم التصويت على الأشخاص، حتى تقوم هذه التنظيمات الحزبية بوضع النخب والكفاءات والكوادر على رأس اللوائح”، مشيرًا إلى أن ذلك يجعل الهيئات السياسية تبحث عمن يستطيع كسب المقعد البرلماني.

وحمّل المتحدث المسؤولية للأحزاب والمواطنين، قائلًا إن “الشباب والكوادر ينفرون من ممارسة العمل السياسي، فيما الأحزاب لا تقوم بدورها في تأطيرهم وتكوينهم وإشراكهم في المجالس المحلية المنتخبة مسبقًا حتى يستطيعوا تكوين قاعدة لهم”.

وفي حوار للجريدة نفسها مع هشام معتضد أستاذ باحث في العلوم السياسية ، أجرته الجريدة يوم، الخميس 18 مارس 2021 ، أكد أن “توجه بعض الأحزاب لتزكية وجوه مرفوضة مجددا في الانتخابات القادمة، يترجم مدى تقوقع التوجه السياسي لتلك الأحزاب واختياراتها الخطيرة على المشهد السياسي والعملية الانتخابية”.

و أفاد المتحدث بأن “مقاربة الاحتفاظ بالخزان الانتخابي تترجم مدى احتكار حكام الأحزاب للنهج القديم في تدبير المؤسسة الحزبية، وترسيخ ثقافة التبعية السياسية من أجل الاحتفاظ بمصالح شخصية أو تدبير صفقات سياسية ذات توجهات اقتصادية واجتماعية".

وأضاف بأن الاعتماد على الوجوه المرفوضة شعبيا يعد رهانا فاشلا وتوجها خطيرا في ظل الاستحقاقات القادمة، خاصة وأن نسبة المشاركة السياسية في الانتخابات رهينة بمدى جدية الأحزاب وانخراطها في الحياة السياسية والتمرين الديمقراطي”.

أطفال الحملات الانتخابية ... ثغرة قانونية تستفيد منها الأحزاب السياسية

عرفت ظاهرة استغلال الأطفال في الحملات الانتخابية استفحالا كبيرا إثر انطلاق الحملة الانتخابية استعدادًا للانتخابات الجماعية والمحلية، التي ستجرى في الثامن من شتنبر الجاري؛ أطلقت الأحزاب السياسية العنان للظفر بهذه الاستحقاقات، حيث اتخذت مجموعة من الأحزاب السياسية من براءة الأطفال فرصة لإنجاح حملاتهم الانتخابية، من خلال توزيعهم لمنشورات وترديد شعارات الحزب، كما أنهم يؤثثون مشاهد خرجات ميدانية للمرشحين.


وقد تداول رواد موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” على نطاق واسع صورا لأطفال يشاركون في الحملات الانتخابية، ويقومون بتوزيع منشورات بعض المرشحين لأحزاب سياسية جراء انطلاق الحملة الانتخابية للانتخابات البرلمانية والمحلية والجهوية، وهذا ما أثار انتقادات واسعة تستنكر هذه الظاهرة المشينة.

والجدير بالذكر أن القوانين المنظمة للانتخابات التشريعية بالمغرب لا تتضمن ما يمنع الأطفال من المشاركة في الحملات الانتخابية، إلا أن هذه الظاهرة تشكل خطورة على الطفل لما تعرفه الدعاية الانتخابية من خروقات تهدد سلامة وصحة الطفل.

لكن تشغيل القاصرين في الحملة بمقابل مادي يطرح ظاهرة عمالة الأطفال التي تجرمها التشريعات الدولية، والتي صادق عليها المغرب، وتحديدا الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل واتفاقية العمل الدولية رقم 138 ورقم 182 التي وضعت حدا أدنى لسن العمل أقل من  15 سنة، ومنعت تشغيل الأطفال حتى سن 18 في الأعمال التي يحتمل أن تعرض للخطر سلامة الطفل أو أخلاق الأحداث بسبب طبيعتها أو الظروف التي تؤدى فيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق