أولوية المهارة قبل الشهادة …. هل يتغير التعليم ؟

 


عبد اللطيف شعباني 

إنَّ نظم التعليم في العالم تتأثر بشكل كبير بأية تطورات أو تحولات تطال سياسات التعليم في الولايات المتحدة الأمريكية، ويأتي هذا التأثير من كون الولايات المتحدة لا زالت تتصدر دول العالم في صناعة التعليم والبحث العلمي، ويمتاز النظام التعليمي هناك بالتركيز على تحفيز الإبداع والابتكار ومهارات حل المشكلات، إلى جانب التزام الأمريكان بتحقيق الذات والعناية بالسلامة العاطفية والبدنية للأفراد، بالإضافة إلى المهارات الفكرية الضرورية لاستقلال الرأي والحكم، وفي سياق التزام نظام التعليم في الولايات المتحدة بإتاحة فرص تحقيق الذات للمتعلمين اتخذ المسؤولون عن التعليم  قراراً يقضي بإعطاء أصحاب المهارات والموهوبين الأولوية للتقدم للوظائف الحكومية ؛ بدلاً من الاعتماد على الشهادات الجامعية فحسب.

الفردية الأمريكية وسطوة التكنولوجيا على مصادر المعرفة كانت وراء التحول الجديد الذي عززه الرئيس ترمب بمرسوم فيدرالي، ويرى الكثير من الخبراء أنَّ اهتمام الوظائف بالمهارات قبل الشهادات سيجلب مزيد من القوة والتميز للصناعة والاقتصاد في أمريكيا على حد سواء، كما سيكون بمثابة قوة ضاغطة على الجامعات هناك لتبني تعليم غير تقليدي ورفد السوق بطاقات بشرية مؤهلة للوظائف الجديدة.  

ونلاحظ جميعا كيف يتسارع تنوع وتعدد مصادر بناء المعرفة والمهارات ومعظمها اليوم خارج أسوار المدارس والجامعات؛  كالمنصات التعليمية ومواقع التواصل والتفاعل الإلكتروني مثل ( YouTube – Google – Facebook ) ، وهي متاحة للجميع للتعلم وتطوير المهارات، عدا عن إضافات تقدمها هذه الأدوات كالمرونة في الوقت والاختيار، وتوفير الجهد والمال في كثير من الأحيان. 

كما أن اكتساب الأفراد للخبرات والمهارات مباشرة من خلال السوق ومراكز التدريب يجعلهم يتقنون العمل بشكل كبير قياساً لحملة الشهادات من خريجي الجامعات التي يغلب طابع التعليم التقليدي على مساقاتها، الشيء الذي سيضع الجامعات ومؤسسات التعليم المختلفة أمام تحدي جديد ؛ يتمثل في القدرة على الاستجابة للانعطافة الحادة التي سيمر عبرها قطار التعليم.

دمج التعليم الإلكتروني في برامج التدريس، وتطوير مهارات المدرسين والاستغناء عن التقليدين منهم، إضافة لربط التعليم بالحاسوب، وتغيير نمط اكتساب المهارات العملية نحو التدريب الفعلي في مواقع العمل والشركات،  دون الاكتفاء بمختبرات الجامعة ومشاغلها،  سيكون أهم متطلبات استجابة نظم التعليم للتحول الجديد، كما أن إيفاد الطلبة المتميزين لجامعات تتبنى التجديد والتعليم الجديد من الجامعات المرموقة؛  أمر أساسي لبناء ثقافة تجديدية في الجامعات.

سيتغير التعليم تحت ضغط أنَّ حملة الشهادات لن يتمكنوا من الحصول على الوظائف بسهولة؛  حتى لو كانوا خريجي أفضل الجامعات وبتقدير مرتفع ، إذا لم يمتلكوا المهارات التي يبحث عنها سوق العمل، فهل تستطيع مؤسسات التعليم مواجهة التحدي وإحداث تغيير ينسجم مع المستجدات أم أنها بداية النهاية لمؤسسات التعليم الرسمي كما تنبأ الفيلسوف الأمريكي ايفان إليتش قبل عقود .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق