الرباط – فقد المغرب يومًا حزينًا من تاريخه الحديث، برحيل الأستاذ عبد الحق المريني، مؤرخ المملكة والناطق الرسمي باسم القصر الملكي، ومدير القصور الملكية والتشريفات والأوسمة، عن سن ناهز التسعين عامًا، بعد مسيرة حافلة بالعطاء العلمي والثقافي والوطني.
جسّد الراحل شخصية مثقفة متعددة الأبعاد، وترك بصمات واضحة في مجالات التأريخ، والأدب، والدبلوماسية الثقافية. وبهذا الرحيل، يفقد الوطن واحدًا من رجالاته الكبار، وذاكرة وطنية شاهدة على محطات مفصلية من تاريخ المغرب الحديث.
ولد عبد الحق المريني بمدينة الرباط سنة 1934، ودرس في جامعة القرويين بفاس، حيث نهل من ينابيع العلوم الشرعية واللغوية، ثم أكمل مساره الأكاديمي والثقافي متدرجًا في عدة مناصب عليا، أبرزها توليه مهمة مؤرخ المملكة، التي اختصّ بها منذ العام 2010، ليكون مرجعًا رسميًا لتوثيق تاريخ الدولة المغربية وسير ملوكها.
كما عُرف المريني بإسهاماته الأدبية والفكرية، حيث ألّف عدة كتب قيمة، واهتم بصفة خاصة بتاريخ الدولة العلوية والرموز الوطنية، وكان دائم الحضور في الندوات والمحافل الثقافية، محافظًا على نبرة وقورة وعمق في التحليل والقراءة التاريخية.
من موقعه كمدير للتشريفات الملكية، لعب دورًا محوريًا في تنظيم العديد من المناسبات الوطنية والدبلوماسية، وشهد عن كثب على مراحل مختلفة من حكم الملوك محمد الخامس والحسن الثاني ومحمد السادس، مما منحه نظرة استثنائية قلّ نظيرها في فهم المسار السياسي والدستوري للمملكة.
وقد نعى الديوان الملكي الراحل بكلمات مؤثرة، مستحضرًا خصاله الوطنية العالية، ومعدًّا إياه من رجالات الدولة الذين خدموا الوطن بوفاء نادر ومسؤولية تاريخية.
بوفاة عبد الحق المريني، تطوى صفحة من صفحات الرجالات الموسوعيين الذين جمعوا بين الأصالة والمعاصرة، بين خدمة الدولة وخدمة الثقافة.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
رحم الله الفقيد، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أسرته ا
لصغيرة والكبيرة الصبر والسلوان.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق