المهدي حمزاوي... حين يرحل النبل متوشحًا بالأخضر
🕊️ المهدي
حمزاوي... حين يرحل النبل متوشحًا بالأخضر
🕊️ حين يصمت المدرج... وتبكي "الكورفا" 💔
بني ملال – بقلم محب
ليست كل الفواجع تُقاس بصوت النحيب، بعضها يطرق
القلوب بصمتٍ قاتل، يشبه الغصة التي لا تنزاح.
بني ملال حزينة. لا، ليست حزينة فقط... بل
مفجوعة.
رحل المهدي حمزاوي، ليس كأي راحل، بل كمن يغلق
بابًا من نور خلفه، ويترك المدينة كلها بلا مفتاح.
في ساعة لا موعد لها، انطفأ صوت المدرج. سكت
الحماس. انكسر الهتاف، وبكى "الدرج الجنوبي" بحسرة لم يذق مثلها من قبل.
الفقيد المهدي حمزاوي، قائد فصيل “ستار بويز
07”، لم يكن مشجعًا عاديًا. كان ذاكرةً حيّة، وقلبًا نابضًا، ووجهًا مألوفًا
للوفاء في زمن أصبح فيه الانتماء سلعة.
لم يعرفه الناس كـ"صوت فقط" بل
كـ"ضمير مدرج". كان الحاضر دائمًا، أول الداخلين وآخر المغادرين. لا
يغيب مهما اشتد التعب، لا يتراجع مهما كبرت الخيبة. يشعل المدرج حين يخفت، ويزرع
الأمل حين ييبس.
نزلت فاجعة رحيله كالسهم. لا أحد كان مستعدًا
لهذه النهاية. كيف نودّع من علّمنا البقاء؟ كيف نكتب عن رحيل من كتب سنوات عمره
بأهازيج في حب الفريق والمدينة؟ كيف نرثي من كان يرثي خيباتنا قبل أن ننهار؟
كان المهدي في كل تفاصيل التشجيع. في كل راية
رُفعت. في كل شعار هُتف به. في كل لَونٍ أخضر صمد في زمن الرمادية.
كان يحمل صوته كما يحمل المقاتل بندقيته. لا
يستسلم. لا يهادن. لا يساوم.
عاش بقلبه، ومات واقفًا كعادته... لكننا نحن من
وقعنا هذه المرة.
المدينة كلها خرجت تودّعه. لا بصفارات، ولا
بطبول، بل بقلوب مكلومة، ونظرات مبللة بالدموع. من عرفه، ومن سمع عنه، ومن وقف إلى
جواره في المدرجات... كلهم كانوا هناك.
لم يكن الجسد هو من يُحمل على الأكتاف فقط...
بل التاريخ، والرمزية، والوفاء.
في زمن يُباع فيه كل شيء، بقي المهدي وفياً.
عاش ومات دون أن يُقايض مبادئه. لم يسعَ خلف صورة، ولا لقب، ولا ميكروفون. كان
يكفيه أن يرى راية فريقه ترفرف، ويكفيه أن يسمع صوته يتردد في المدرجات.
رحيله المفاجئ بسكتة قلبية، اختطفه من بيننا،
لكنه لم يستطع أن يمحو أثره، ولا أن يُطفئ صداه.
سيظل اسمه يُتلى في كل مباراة. سيظل مكانه
محفورًا في "الكورفا"، وسيظل حضوره المعنوي أقوى من الغياب.
وداعًا أيها الأصيل...
نم قرير العين. لقد قمت بما لم يقدر عليه
كثيرون.
أحببت بني ملال بصدق، وكنت لها ولرجائها خير
سفير في مدرجات الوطن.
وداعًا يا من كنت للمدرج روحًا، وللمجموعة
قلبًا، وللمدينة قدوة.
نسأل الله أن يتغمدك برحمته الواسعة، وأن يجعل
قبرك روضة من رياض الجنة.