الجيل الذهبي يعود... ألعاب القوى المغربية تنهض من جديد!
بقلم: [محمد المخطاري]
وسط زخم المنافسات الإفريقية وبريق الميداليات، تلوح في الأفق بشائر عودة الجيل الذهبي لألعاب القوى المغربية. مشهد لم يكن وليد لحظة، بل ثمرة مسار إصلاحي هادئ، عميق، ومدروس، بدأ يضع المغرب من جديد على خارطة التألق القاري والدولي في أم الألعاب.
في بطولة إفريقيا لألعاب القوى الأخيرة، توهجت أسماء شابة بأداء مبهر أعاد إلى الذاكرة أمجاد الكبار. أسامة الرضواني بتوقيت 13:23 في سباق 5000 متر، جعلنا نستحضر خطوات خالد السكاح الذهبية. أيوب الزياني بدوره، بزمن 13:29، ذكّرنا بالبطل صلاح حيسو. في 3000 متر موانع، انتزع بلال محفوظ برونزية ثمينة، فأحيا فينا ذكرى علي الزين.
أما في سباقات السرعة والمتوسطة، فقد تألقت البطلة سعيدة البوزي ببرونزية 800 متر، على خطى حسنى بنحسي، بينما خطف عماد بوشجدة ذهبية نفس السباق بأسلوب ذكّرنا بالعويطة، وتبعه حميد بوتفيدي بفضية مستحقة أعادتنا إلى زمن المحجوب حيدا.
في سباق 400 متر حواجز، صنعت رانيا الحمداوي الحدث بذهبية رائعة، ومريم الزاهيدي بالفضة، لترتسم من خلال أدائهما ملامح نزهة بدوان الجديدة. ولم يغب اسم جواد خشينة، الذي أعاد وهج هشام الݣروج في المسافات المتوسطة.
حتى القفز الطولي والثلاثي لم يكن خارج هذا المشهد البطولي؛ مرزاق كوثر وياسمين بلخضر، بذهبية وفضية مستحقة، أثبتتا أن للمغرب باعًا طويلًا في تخصصات لطالما تألق فيها أبطال كيونس مودريك.
نتائج لم تأتِ من فراغ...
هذا التألق ليس ضربة حظ، بل نتيجة طبيعية لتراكم جهود تنظيمية وهيكلية بدأت منذ سنوات، حيث تم إعداد برامج واقعية بعيدًا عن التسرع، وتطهير المنظومة من الشوائب التي كانت تنخر جسد ألعاب القوى المغربية. تم تمكين الأندية، وتأهيلها لتلعب دورها الطبيعي كمشتل للمواهب، ومنحت حرية أكبر للإبداع والابتكار.
لكن النقطة الفارقة كانت في التناغم بين عمل الأندية والمراكز الجهوية للتكوين. فقد أصبح ولوج هذه المراكز مبنيًا على الاستحقاق، وهو ما حفز الأندية على تطوير عدائيها وإعدادهم جيدًا من أجل ضمان حضورهم داخل هذه المراكز، التي تحولت بدورها إلى منصات إعداد حقيقي لأبطال المستقبل.
الحلم ممكن... والبريق يعود
هذه الدينامية الجديدة، التي تجمع بين البناء القاعدي والانضباط المؤسساتي، تُعيد الأمل إلى جمهور ألعاب القوى المغربية. لقد منحتنا هذه البطولة ومواهبها بصيصًا من النور، وأكدت أن زمن الانتصارات يمكن أن يعود، إن واصلنا بنفس الإيقاع، والتزمنا بالعمل الجاد، والاستثمار في الإنسان والمحيط الرياضي.
أبطالنا اليوم لا يعيدون فقط أمجاد الماضي، بل يرسمون معالم مستقبل مشرق. زمن العويطة، الكروج، بدوان، بنحسي... لم يكن استثناءً، بل هو امتداد لمسار يمكن أن يتجدد إذا آمنّا بمنظومتنا، وواصلنا المسير بثقة وإصرار.
الرياضة ليست رفاهية، بل مشروع وطني. وألعاب القوى، بقدر ما هي سباقات وميداليات، فهي أيضًا رمز للهوية، والقدرة، والانتماء. فلنحافظ على هذا الزخم، ولنصنع معًا مجدًا جديدًا يليق بالمغرب.
.png)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق