قضية "إسكوبار الصحراء" في مفترق طرق: تناقضات الشهود، وثائق مثيرة، وتأجيل مصيري

 



الدار البيضاء – 31 يوليوز 2025

تتواصل فصول قضية "إسكوبار الصحراء"، إحدى أخطر قضايا التهريب وغسل الأموال في المغرب، بمستجدات مشوقة داخل ردهات محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، حيث عرفت جلسة يوم 31 يوليوز تطورات بارزة على مستوى الشهادات والوثائق المطروحة، وسط أجواء مشحونة بين الدفاع والشهود.

في قلب الجلسة الأخيرة، ركّز دفاع سعيد الناصري على وثيقة أساسية حصل عليها أحد الشهود من تطبيق "واتساب"، محاولًا الطعن في شرعيتها القانونية. وعلى الرغم من الدفع بخرق قانون حماية المعطيات الشخصية (09/08)، قضت المحكمة بقبول الوثيقة كدليل، ما شكل ضربة استراتيجية لفريق الدفاع الذي كان يعوّل على إبطالها.

شهدت الجلسة أيضًا مواجهة مباشرة بين سعيد الناصري والشاهد توفيق ز.، السائق السابق لـ"الحاج المالي" (المتهم الرئيسي)، حيث أشار الدفاع إلى وجود تناقضات صارخة بين أقواله أمام الشرطة وأمام المحكمة. ورغم تقدم الدفاع بطلب لمتابعة الشاهد بتهمة شهادة الزور، رفضت المحكمة هذا الطلب، معتبرة أن الظروف القانونية غير متوفرة بعد.

وفي تطور لافت، استُمع إلى شهادة البرلماني عبد الواحد شوقي، الذي كشف عن محاولة الناصري إلزامه بالتوقيع على إشهاد بتقديم 800 مليون سنتيم لفريق الوداد سنة 2014. الناصري، من جانبه، اتهم شوقي بمحاولة تصفية حسابات تجارية منذ سنة 2021، حين أسسا معًا شركة كبرى برأسمال يفوق 10 مليارات سنتيم، وهو ما أضاف طبقة جديدة من التعقيد إلى الملف.

من بين المفاجآت الرمزية، حضور الفنانة لطيفة رأفت إلى المحكمة يوم 17 يوليوز بمبادرة شخصية رغم عدم استدعائها رسميًا. تم رفض دخولها القاعة، لكنها صرّحت لاحقًا بأنها مستعدة للإدلاء بشهادتها حين يُطلب منها ذلك، ما فتح الباب لتكهنات حول دورها في الحياة الشخصية للمتهم الرئيسي.

وسط تصاعد حدة الجلسات، قررت المحكمة تأجيل المحاكمة إلى 18 شتنبر 2025 بسبب العطلة القضائية. هذا التأجيل يأتي في وقت حرج، حيث كان من المنتظر استدعاء شخصيات بارزة وشهود إضافيين، في إطار محاولات فك خيوط شبكة معقدة من العلاقات السياسية والتجارية.

تتخذ القضية اليوم طابعًا يتجاوز مجرد محاكمة أفراد متورطين في التهريب، لتتحول إلى اختبار لمصداقية العدالة الجنائية أمام شبكة من المصالح السياسية والمالية. ما بين تناقض الشهادات، والضغط الإعلامي، والوثائق الرقمية، يبدو أن مرحلة ما بعد شتنبر ستكون حاسمة في تحديد مصير هذا الملف المتشعب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق