خنيفرة تحتضن ندوة وطنية حول التنمية الترابية والجهوية: رهان فكري لبناء مستقبل الأقاليم الجبلية.




عن صفحة بلدية خنيفرة

في أجواء علمية وحوارية متميزة، احتضنت قاعة الندوات بجماعة خنيفرة صباح اليوم أشغال ندوة وطنية، نظمتها مؤسسة روح أجدير الأطلس خنيفرة، بشراكة مع جماعة خنيفرة، تحت شعار: "التنمية الترابية والجهوية المتقدمة كمدخل أساسي لبناء مستقبل الأقاليم الجبلية".

هذه المبادرة الفكرية لم تكن مجرد لقاء أكاديمي عابر، بل شكلت محطة للتفكير الجماعي وتبادل الرؤى حول كيفية تحويل ورش الجهوية المتقدمة إلى أداة فعلية لإقلاع تنموي شامل، يعيد الاعتبار للأقاليم الجبلية ويضعها في صلب النموذج التنموي الوطني.

تأتي الندوة في سياق يعرف دينامية قوية يشهدها المغرب على مستوى تنزيل الجهوية المتقدمة، باعتبارها ورشا استراتيجيا أطلقه جلالة الملك محمد السادس نصره الله، منذ سنوات، وجرى تثبيته في الدستور كخيار استراتيجي لا رجعة فيه. هذه الرؤية تروم إعادة التوازن للمجال الترابي، وتحقيق عدالة مجالية طال انتظارها، خصوصا في المناطق الجبلية.

وتناولت الندوة المجالات الجبلية، وعلى رأسها اكراهات إقليم خنيفرة، وهي كلها إكراهات تجعل من النقاش حول التنمية الترابية قضية وجودية.

الندوة عرفت حضور نخبة من الباحثين والخبراء والأكاديميين، إلى جانب ممثلين عن السلطات المحلية والمنتخبين، وفعاليات من المجتمع المدني. وقد شكل هذا الحضور الوازن فضاء غنيا لتلاقح الأفكار وتبادل التجارب، حيث انصبت المداخلات على تشخيص الوضع الراهن للأقاليم الجبلية، واستجلاء الفرص التي تتيحها الجهوية المتقدمة كآلية لتدارك الخصاص وتحقيق إقلاع تنموي متوازن. وتوزعت النقاشات بين مقاربات تحليلية أكاديمية، وأخرى عملية مرتبطة بتجارب التنمية الترابية، ما أضفى على أشغال الندوة بعدا شموليا يجمع بين الفكر والممارسة.

أبرز ما ميز هذا اللقاء العلمي أن النقاش لم يبق أسير التشخيص، بل انفتح على صيغ مبتكرة للتنمية تقوم على إشراك الفاعلين المحليين، تعزيز الاستثمار في البنيات التحتية، تشجيع المبادرات الاقتصادية التضامنية، والانتصار لعدالة مجالية تجعل من الجبال فضاءات منتجة وليست هامشا معزولا.

وفي ذات السياق عكست هذه الندوة الوطنية إرادة جماعية في البحث عن نموذج تنموي بديل للأقاليم الجبلية، نموذج قائم على العدالة الاجتماعية والتوازن المجالي، وقادر على تحويل التحديات إلى فرص، خاصة في إقليم خنيفرة الذي يمثل صورة مصغرة لإكراهات العالم الجبلي بالمغرب.

في النهاية، جسدت أشغال هذه الندوة أكثر من مجرد نقاش علمي، كانت بمثابة رسائل وعي جماعي موجهة لصناع القرار بضرورة إعطاء الأولوية للأقاليم الجبلية في السياسات العمومية. فهي خطوة أولى في مسار طويل نحو بناء رؤية وطنية متكاملة، تجعل من الجهوية المتقدمة رافعة حقيقية للتنمية المستدامة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق