من الأرقام إلى قاعة الانتظار: متى يكتمل إصلاح الصحة في المغرب؟
✍️ بقلم: محمد المخطاري
ليس خافياً أن
المغرب خطا خطوات واسعة في ورش الحماية الاجتماعية: تعميم التأمين الصحي، توسيع
التغطية، وإطلاق التحويلات المباشرة. غير أن هذا الجهد، على أهميته، يصطدم يومياً
بسؤال أبسط وأكثر إلحاحاً: كيف يعيش المريض رحلته داخل المستشفى الإقليمي أو
الجهوي؟
فحين تمتد
المواعيد لأشهر، وتتعطل أجهزة التشخيص، ويزداد الاكتظاظ في أقسام الاستعجال، ينهار
رصيد الثقة مهما ارتفعت المؤشرات الرسمية. الإصلاح الاجتماعي قطع نصف الطريق: منح
الحق ووسّعه، لكنه لم ينجح بعد في ضمان الخدمة في وقتها وبجودة تحفظ الكرامة.
ثلاث
فجوات تفضح الهوة الجهوية
1. الانتظار
المرهق: زمن الموعد، خصوصاً في الاستعجالات والأشعة، صار معيار الحكم على الإصلاح،
لا عدد المستفيدين ولا حجم الاعتمادات.
2. هشاشة
التجهيز والأطر: أعطاب الأجهزة وخصاص التخصصات والتفاوت المجالي تحوّل علاجاً
بسيطاً إلى رحلة شاقة ومعاناة طويلة.
3. ضعف
الحكامة التشغيلية: صيانة مؤجلة، ومشتريات مشتتة، وإجراءات بطيئة تجعل القرارات
تستهلك في المكاتب بدل أن تتحول إلى حلول في قاعات العلاج.
لماذا
لا تُرى الإنجازات جهوياً؟
المعادلة اليوم
مختلة: تعميم سريع للحق يقابله بطء في توسيع الطاقة الاستيعابية وتحسين جودة
الخدمة. ويزيد الطين بلة نزيف الأطر الطبية وصعوبة استقرارها في المناطق الهامشية،
فضلاً عن غياب مؤشرات علنية ودورية تقيس ما يعيشه المواطن فعلياً: زمن الانتظار،
توفر التخصصات، وأيام فتح الخدمات الحيوية.
من
الرقم إلى الأثر: ما المطلوب فعلاً؟
ü تمويل
مقابل نتائج: ربط الاعتمادات بمؤشرات ملموسة، مثل زمن انتظار الجراحة والأشعة،
ونسبة توفر التخصصات الأساسية.
ü خدمات
متنقلة ومتصلة: وحدات طبية قارّة في القرى والجبال، مدعومة بالتطبيب عن بُعد حتى
لا يبقى التخصص حكراً على المدن الكبرى.
ü حوافز
لاستقرار الأطر: سكن وظيفي، منح جهوية، مسارات ترقي خاصة بالمناطق النائية، وعقود
مرنة لسد العجز عند الحاجة.
ü صيانة
وتوريد ذكي: عقود صيانة استباقية للأجهزة، ومشتريات مجمعة تخفف الكلفة وتسرّع وصول
المعدات إلى الأقاليم.
ü شفافية الأداء: نشر لوحات قيادة جهوية بشكل شهري، وتفعيل مساطر تظلّم واضحة، حتى تُقاس الإصلاحات بجودة الخدمة لا فقط بحجم النفقات.
المغرب خطا خطوة
كبرى بتوسيع الحق، لكنه لم يبلغ بعد مرحلة إنعاش الخدمة. الإصلاح لن يكتمل إلا حين
تصبح زيارة المستشفى الجهوي تجربة كريمة ومنصفة، ويقصر زمن الانتظار في قاعة
الاستعجال. عندها فقط سيتحوّل الرقم إلى حياة، ويصبح الاعتراف بالمجهود حقيقة
يلمسها المواطن، لا مجرد بلاغ رسمي.
.png)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق