الصحافي الفرنسي بيرتران لاتور يهاجم إدارة باريس سان جيرمان بسبب حكيمي: “حاولوا إسكات صوته”





انتقادٌ جديد يطال إدارة باريس سان جيرمان، هذه المرة من الصحافي الفرنسي بيرتران لاتور الذي عبّر عن استيائه من الطريقة التي جرى بها التعامل إعلاميًا مع قائد المنتخب المغربي أشرف حكيمي، معتبراً أن النادي “فعل كل شيء لإسكاته ومنعه من الكلام”، في خضم الجدل الذي رافق ترتيبه السادس في جائزة الكرة الذهبية 2025 وما أثاره ذلك من نقاش حول معايير التصويت وحضور المدافعين في سباق يغلب عليه البعد الهجومي. يقدم هذا الموقف قراءة نقدية لا تكتفي بالطعن في وجاهة الترتيب، بل تضع أسئلة صريحة حول إدارة الخطاب داخل النادي الباريسي وطريقة التحكم في رسائل اللاعبين خلال اللحظات الحساسة التي تصنع الرأي العام وتؤثر في السرديات الكبرى المحيطة بالجوائز الفردية وصورة النجوم.

يدافع لاتور عن فكرة أن الموسم الذي قدّمه حكيمي كان كافياً لوضعه أقرب إلى منصة التتويج، على الأقل قياساً بنفوذه التكتيكي، وثبات مردوده، وحضوره الحاسم في المواعيد الكبرى، وهي مؤشرات كثيراً ما تُختزل لصالح الأهداف واللمسات التهديفية لدى المهاجمين، بما يعيد إنتاج تحيزٍ تقليدي ضد الأدوار الدفاعية الحديثة التي باتت تتطلب ظهيراً كاملاً، يهاجم بذكاء ويُوازن المساحات ويقود الإيقاع على الجناح. ومن هذه الزاوية، يأتي توصيفه لمركز حكيمي على أنه “مرتاح” لإدارة باريس، لأن خفوت الضجيج حول طموح اللاعب الفردي يجنّب النادي أسئلة محرجة عن أدوار القيادة، والهوية، وميزان النفوذ داخل غرفة الملابس.

لا ينفصل هذا السجال عن سياقٍ أوسع تتقاطع فيه ثلاثة مستويات: صورة باريس سان جيرمان الإعلامية التي ما تزال تبحث عن صيغة توازن بين مركزية المشروع وحرية التعبير، ومعايير التصويت في الجوائز التي تتأرجح بين إنصاف المنجز الجماعي والافتتان بالبريق الفردي، ثم الدور المتنامي للاعبين في صناعة رواياتهم عبر المنصات الاجتماعية، حيث يصبح الصمت أحياناً رسالة بليغة مثل التصريح تماماً. وفي حالة حكيمي، فإن كل إشارة، أو غيابها، بعد السوبر الأوروبي، قُرئت على أنها مؤشر لبرودٍ محسوب، الأمر الذي غذّى سردية “تكميم الصوت” ورفع منسوب الشك حول الحدود الفاصلة بين الانضباط الاتصالي والضغط على حرية التعبير.

بالنسبة للجمهور المغربي، يحمل هذا الجدل بعدين متلازمين: الفخر بترتيب تاريخي لمدافع عربي ضمن نخبة العالم، والمرارة من شعورٍ بأن الإنجاز لم يُستثمر كما ينبغي لإبراز قيمة اللاعب في المركز الذي يشغل مكانة مفصلية في كرة اليوم. وبين هذين البعدين، يرسخ حكيمي حضوره كحالة فنية وأخلاقية؛ لاعب يقود بخطوات ثابتة، ويضع معياراً عالياً للأظهرة عالمياً، فيما يترك الباب مفتوحاً أمام قفزةٍ قادمة قد تتطلب لقباً قارياً ثقيلاً مع النادي أو إنجازاً دولياً مع المنتخب يرفع سقف الإجماع حول أحقيته بالمنصة.

في المحصلة، لا يتعلق الأمر بخلافٍ عابر بين صحافي ونادٍ كبير بقدر ما هو اختبارٌ لنضج المنظومة: هل تُحسن الأندية تحويل أصوات نجومها إلى رافعة لصورتها أم تسعى إلى تخفيضها اتقاءً للجدل؟ وهل تملك الجوائز شجاعة تحديث ميزانها ليقيس التأثير بأدوات أقل انحيازاً لبريق الأهداف؟ أسئلة تظل مفتوحة، بينما يمضي أشرف حكيمي في صياغة سرديته على الملعب أولاً، حيث لا مكان لـ“إسكات” صوت الأداء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق