📰 الرياضة بين دعم التنمية واستثمار
السياسة...
قراءة في واقع منح الدعم الرياضي بجهة بني ملال خنيفرة
في الوقت الذي
يفترض أن تكون فيه الرياضة فضاءً لتأطير الشباب وبناء القيم النبيلة، تحوّلت منح
الدعم الرياضي في جهة بني ملال خنيفرة في كثير من الحالات إلى مجال تتحكم فيه
الولاءات السياسية والمصالح الشخصية. غير أن الصورة ليست واحدة في كل المؤسسات، إذ
تسجَّل أيضًا بعض المبادرات الإيجابية التي تحاول الالتزام بمعايير موضوعية وشفافة.
🔹 منح رياضية خارج مسارها الطبيعي
الغاية من دعم
الجمعيات والأندية الرياضية واضحة: تنمية الرياضة، صقل المواهب، واحتضان الطاقات
الشابة. غير أن الواقع الميداني في الجهة يكشف عن انحرافات واضحة، حيث أصبحت المنح
السنوية وسيلة لتكريس النفوذ الانتخابي أكثر مما هي أداة لتطوير الممارسة الرياضية.
فعدد من
الجمعيات الرياضية لا تُمنح الدعم بناءً على نشاطها أو إنجازاتها، بل وفقًا لخريطة
الولاءات والانتماءات السياسية، ما يجعل المال العام أداة لخدمة المصالح الخاصة.
وهكذا تُهمّش جمعيات نشيطة وجادة لأنها ترفض الاصطفاف، بينما تُكافأ أخرى لا أثر
فعلي لها في الميدان.
🔹 المال العام رهينة الولاءات
من المؤسف أن
تتحول الرياضة إلى امتداد للصراع الانتخابي. فبدل أن تكون وسيلة لتوحيد الشباب حول
قيم التنافس الشريف، أصبحت وسيلة لزرع الانقسام، وتغذية صراعات لا علاقة لها
بالمصلحة العامة.
إن هذا الواقع
لا يمس فقط نزاهة تدبير الشأن الرياضي، بل يضرب في العمق ثقة المواطنين في
المؤسسات المنتخبة، ويدفع الشباب إلى العزوف والإحباط.
🗣️ "المال العام ليس وسيلة لكسب
الولاءات، بل أمانة لخدمة التنمية الرياضية الحقيقية."
🔹 استثناء إيجابي: مجلس جهة بني ملال
نموذجًا
رغم هذه
الممارسات السلبية المنتشرة على الصعيد المحلي، يُسجَّل استثناء إيجابي في عمل
مجلس جهة بني ملال خنيفرة، الذي اختار توجيه المنح الرياضية حصريًا إلى الفرق
الكروية وفق معيار موضوعي واضح يعتمد على مستوى القسم الذي تنشط فيه كل جمعية.
هذا التوجه، وإن
كان يقتصر على كرة القدم دون باقي الرياضات، يُعد خطوة مهمة في اتجاه إرساء معايير
شفافة وعادلة، ويُبرز إمكانية بناء نموذج تدبيري قائم على الإنصاف والمحاسبة بدل
الزبونية.
لكن من الضروري
أن تمتد هذه التجربة إلى باقي التخصصات الرياضية، حتى لا يُختزل الدعم العمومي في
كرة القدم فقط، ويُهمَّش باقي الفاعلين الرياضيين في الجهة.
🔹 من أجل شفافية وعدالة رياضية
لإصلاح هذا
الوضع المختل، لا بد من وضع معايير موضوعية وشفافة لتوزيع الدعم العمومي، تعتمد
على الأداء الميداني، وعدد المستفيدين، والبرامج الاجتماعية للجمعيات. كما يجب ربط
الدعم بالمحاسبة، وفرض تقديم تقارير مالية دقيقة عن كل درهم يُصرف من المال العام.
ولا يقل أهمية
عن ذلك ضرورة إشراك الإعلام والمجتمع المدني في مراقبة هذا المسار، لضمان أن تظل
المنح في مسارها الصحيح، بعيدًا عن كل توظيف انتخابي أو حزبي ضيق.
🔹 ختامًا: الرياضة رسالة لا صفقة
إن جهة بني ملال
خنيفرة، بما تتوفر عليه من مؤهلات بشرية ورياضية كبيرة، تستحق مقاربة تنموية
حقيقية تعيد للرياضة مكانتها وقيمتها.
فالرياضة ليست
مجالاً للمناورات السياسية، بل هي فضاء لتربية الأجيال وبناء الثقة والمواطنة.
وإذا لم يتم القطع مع منطق الريع والولاءات، فإن الخاسر الأكبر سيكون الشباب،
الذين يُفترض أن يكونوا المستفيدين الأوائل من كل درهم يُصرف باسم الرياضة.
💬 "حين تتحرر الرياضة من قبضة
السياسة، فقط آنذاك يمكن أن نؤمن بأن التنمية ممكنة."
✍️ بقلم: محمد المخطاري
مهتم بالشأن
الرياضي – جهة بني ملال خنيفرة
.png)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق