يشكل نظام فقدان الأهلية الانتخابية أحد أبرز الضمانات القانونية التي أرساها المشرّع المغربي لحماية نزاهة الهيئات المنتخبة وتعزيز الثقة في المؤسسات الدستورية. ويأتي هذا النظام في إطار مجموعة من القوانين التنظيمية المؤطرة للانتخابات والجماعات الترابية ومجلسي البرلمان، والتي تشدد على ضرورة توفر المنتخبين على شروط السيرة والنزاهة وتحمل المسؤولية العمومية بعيدًا عن أي سوابق تخل بالشرف أو الأمانة.
عندما يصبح الحكم القضائي سببًا في إسقاط العضوية
ترتبط الأهلية الانتخابية بشكل مباشر بنظافة السجل القضائي للمرشح. فالقانون المغربي ينص بشكل صريح على أن الإدانة بحكم نهائي في جرائم تعتبر "مخلة بالشرف"—كالنصب، والرشوة، والتزوير، والاختلاس، وخيانة الأمانة—تؤدي تلقائيًا إلى فقدان الأهلية الانتخابية، وبالتالي إسقاط عضوية المنتخب دون الحاجة إلى أي قرار إداري إضافي.
ويُفعل هذا الأثر مباشرة بعد اكتساب الحكم قوة الشيء المقضي به، سواء عبر تأييد محكمة النقض للقرار أو استنفاد المعني لكل مراحل الطعن.
القانون يربط المسؤولية بالسلوك
ويشترط المشرع المغربي على المرشحين والمنتخبين احترام مبادئ حسن السلوك والسيرة، ليس فقط أثناء فترة الترشح، بل طوال مدة تحمل المسؤولية. فوجود حكم نهائي من هذا النوع يضع المنتخب في وضعية غير قانونية، تُسقط عنه صفة الأهلية التي بُني عليها انتخابه.
وتؤكد مصادر قانونية أن هذا المبدأ يهدف إلى تطهير المشهد السياسي ومنع تسلل أصحاب السوابق المالية أو الأخلاقية إلى مواقع القرار.
إجراءات إعلان الشغور ومخلفات القرار
بعد ثبوت فقدان الأهلية، يُصار إلى إعلان شغور المقعد داخل الهيئة المنتخبة، سواء تعلق الأمر بالجماعات الترابية، أو مجلس النواب، أو مجلس المستشارين. ويتم بعد ذلك تفعيل الإجراءات التنظيمية الخاصة بملء المنصب الشاغر، عبر انتخابات جزئية أو صعود المرشح الموالي في اللائحة.
أما على المستوى الشخصي، فيترتب عن فقدان الأهلية تجريد المنتخب من كافة حقوقه المرتبطة بالعضوية، فضلًا عن إمكانية منعه من الترشح لفترات زمنية قد تختلف بحسب نوع الإدانة وطبيعتها.
آلية دفاع عن الشفافية
يرى مراقبون للشأن السياسي أن حرص المشرع على تقييد الأهلية الانتخابية بشروط أخلاقية وقضائية يعكس إرادة واضحة في تعزيز الشفافية ومحاربة الفساد داخل المؤسسات المنتخبة. كما أن تفعيل هذه الآلية، كلما ثبتت أسبابها، يؤكد أن القانون المغربي يربط بين المسؤولية العمومية والسلوك الشخصي لمن يتولاها.
في المقابل، يدعو بعض المتابعين إلى ضرورة تعزيز هذه الآلية عبر آليات للمراقبة واليقظة القضائية والإدارية، ضمانًا لتطبيق موحد وفعّال عبر مختلف الجهات والتراب الوطني.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق