نواب جهة بني ملال خنيفرة: تمثيلية غائبة أم "كائنات انتخابية عابرة " بلا ذاكرة ولا بوصلة؟
الجهة
مصنفة "منكوبة بيئيًا واقتصاديًا" بسبب توالي سنوات الجفاف وغياب بدائل
تنموية قوية
بقلم : محمد المخطاري –
(مقال رأي)
مع اقتراب نهاية
الولاية التشريعية، تعيش جهة بني ملال خنيفرة على وقع تساؤلات ثقيلة تُطرح في
الشارع، وعلى لسان الفاعلين المحليين والمهتمين بالشأن العام:
أين هم نواب
الجهة ؟ وماذا قدموا فعليًا طيلة السنوات الماضية ؟ وهل استحقوا فعلًا الثقة التي
وضعتها فيهم الساكنة ؟
باستثناء النواب
الجدد الذين التحقوا بقبة البرلمان عبر الانتخابات الجزئية في فترات متأخرة، وذلك
احترامًا للعدالة في التقييم وعدم التعميم ، يظل أداء الغالبية ممن قضوا سنوات
داخل المؤسسة التشريعية دون المستوى المأمول، وأقرب ما يكون إلى الغياب التام أو
الحضور الصامت، سواء في التشريع أو الترافع أو حتى في التواصل مع المواطن.
جهة منكوبة... ونواب في سبات
ليست جهة بني
ملال خنيفرة جهة عادية. فهي من أكثر المناطق المتضررة من آثار التغيرات المناخية،
وفي مقدمتها الجفاف الحاد والمتواصل، الذي دمر المحاصيل، وعصف بمواسم فلاحية
كاملة، وترك آلاف الفلاحين الصغار في وضع اجتماعي هشّ.
اقتصاد الجهة
يقوم في معظمه على الفلاحة، وهو ما جعلها ضمن الجهات المصنفة "منكوبة بيئيًا
واقتصاديًا" بسبب توالي سنوات الجفاف وغياب بدائل تنموية قوية.
الحضور الموسمي... والسياسة كوظيفة
من الملاحظ أن
بعض ممثلي الجهة لا يُتقنون من العمل السياسي إلا مراحله الانتخابية، حيث يكثر
الظهور، وتُطلق الوعود، وتُفبرك الابتسامات . أما حين تنتهي الحملة، يبدأ الغياب،
وتدخل القبة البرلمانية في صمتٍ بارد من جانب من يفترض أنهم "صوت المواطن".
نواب حولوا
المسؤولية إلى منصب، والمكانة إلى غنيمة، والتمثيل إلى مجرد وسيلة عبور لامتيازات
لا تنعكس بأي حال من الأحوال على مناطق عانت ولا تزال من الهشاشة، والتهميش، وغياب
المشاريع الهيكلية.
لا أسئلة، لا ترافع، لا صوت
مواطنون وفاعلون جمعويون يؤكدون في تصريحات متفرقة أن بعض نواب الجهة – باستثناء القادمين الجدد – لم يتقدموا بأي مبادرة نوعية، ولم يضغطوا في ملفات كبرى كالصحة، التشغيل، البنية التحتية، أو التعليم، بل إن العديد منهم لا يُشاهدون حتى في اللجان البرلمانية أو الجلسات العامة إلا لمامًا.
بل الأخطر من
ذلك، أن بعضهم لا يستوعب حتى مضامين البرامج الحكومية التي صوتوا عليها، ولا يعرف
طبيعة الخصاص التنموي بدوائرهم، ويشتغلون بلا بوصلة سياسية أو تصور جهوي موحد.
غياب العمل الجماعي وتشتت الصوت
الجهة، ورغم
توفرها على عدد مهم من النواب والمستشارين، تعاني من تشتت واضح في التمثيل، حيث
يغيب التنسيق، وتطغى الحسابات الحزبية، ويتوارى منطق "الدفاع عن الجهة أولًا".
لا مذكرات
مشتركة، لا جبهة برلمانية موحدة، لا تقارير مرحلية ولا حتى تفاعل إعلامي يشرح
للمواطنين ما تم تحقيقه وما لم يتم.
استثناء لا يُلغي القاعدة
صحيح أن بعض
النواب التحقوا مؤخراً بالبرلمان في سياق انتخابات جزئية، وهؤلاء لا يمكن تحميلهم
وزر سنوات من الخمول والغياب، لكن من سبقوهم مطالبون اليوم بتقديم كشف حساب واضح
وعلني، قبل أن ينطق الصندوق من جديد، وقبل أن تنطق الذاكرة الجماعية التي لا تنسى.
عام أخير... فهل من صحوة ضمير؟
ما تبقى من زمن
تشريعي يمكن أن يكون مساحة للتدارك، أو لحفظ ماء الوجه على الأقل، إن كانت هناك
نية حقيقية لرد الاعتبار للتمثيل السياسي، لا تحويله إلى عبور صامت لا أثر له ولا
صوت.
ولأن التنمية لا
تأتي بالنيات فقط، فإن الجهة تحتاج اليوم – قبل الغد – إلى من يترافع عنها بجرأة،
يتحدث باسمها بوعي، ويخطط لمستقبلها بشجاعة، بعيدًا عن منطق الغنيمة الانتخابية.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق