..
إعادة
تنظيم المجلس الوطني للصحافة: هل الصحافة الجهوية هي الخاسر الأكبر؟
بقلم: [محمد المخطاري – أطلس 24]
في الوقت الذي
يُسوَّق فيه مشروع القانون الجديد لإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة كخطوة
"إصلاحية"، تظهر القراءة المتأنية لمضامينه أن الصحافة الجهوية هي
الحلقة الأضعف، وربما الهدف غير المعلن لهذا "الإصلاح".
المعايير
الجديدة التي تربط تمثيلية الناشرين برقم المعاملات وعدد المستخدمين تضع سقفاً
اقتصادياً لا يمكن للمقاولات الصحفية الجهوية، التي تعاني هشاشة مالية وتهميشاً في
توزيع الإعلانات والدعم العمومي، تجاوزه. كيف لصحيفة محلية ذات إمكانيات محدودة،
تواكب قضايا المواطن في الهامش، أن تنافس مجموعات إعلامية كبرى مرتبطة بمراكز
النفوذ السياسي والمالي؟
النتيجة واضحة:
إقصاء منهجي للصحافة الجهوية، وتركيز القرار الإعلامي في يد المركز. وهذا لا يعني
فقط خنق التعددية الإعلامية، بل تقليص المساحات التي تنقل صوت المواطن في الأطراف،
وتراقب الأداء المحلي، وتفضح مظاهر الفساد والتهميش الاجتماعي.
مشروع القانون
لا يعزز التنظيم الذاتي ولا يكرس استقلالية المهنة، بل يعيد هندسة المشهد الإعلامي
على مقاس لوبيات احتكارية، ويُفرغ الصحافة من دورها المجتمعي الأساسي: أن تكون
قريبة من المواطن، لا مجرد صدى لمراكز النفوذ.
من بين أبرز
مؤشرات ذلك تقليص عدد أعضاء المجلس، ورفع شرط الأقدمية، وربط التمثيلية بمعايير
اقتصادية، ما يؤشر بوضوح إلى استبعاد الصحافيين المستقلين والجهويين، وتكريس منطق
التحكم والهيمنة على حساب التعددية.
في ظل هذه
المعطيات، إن لم يُعاد النظر في تمثيلية الصحافة الجهوية داخل المجلس الوطني، فلن
نقوّي الإعلام، بل سنقنّن تهميشه ونتخلى عن سلطة رابعة قادرة على تمثيل نبض
المواطن من الأطراف.
الإصلاح الحقيقي
هو الذي يعترف بأهمية الصحافة الجهوية ويمنحها مساحة حضورية عادلة، وليس الذي
يقصيها ويُرسخ مركزية القرار الإعلامي لصالح قوى المال والسياسة.خاتمة
لا يمكن للصحافة
الوطنية أن تزدهر أو تلعب دورها الرقابي الحقيقي دون أن تكون الصحافة الجهوية
جزءًا فاعلًا وممثلًا بشكل عادل داخل هياكل تنظيمها. لذا، من الضروري أن يعاد النظر
في مشروع القانون بشكل شامل، مع تضمين آليات تضمن تمثيلية حقيقية ومتوازنة للصحافة
الجهوية، وحماية استقلاليتها المالية والمهنية.
فالإعلام الحر
والمتنوع يبدأ من احترام صوت الأطراف وتمكينها من المشاركة الفاعلة، لا من خلال
قوانين تضيق الخناق عليها. إن مراجعة هذا المشروع وفق معايير الشفافية والعدالة
المهنية هو السبيل الوحيد لضمان إعلام مغربي يعكس تنوع الواقع ويخدم كل المواطنين
في كل الجهات.
.png)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق