رجاء بني ملال أمام مفترق الطرق: من يُقرر ومن يُحاسب؟
في ظل مرحلة دقيقة يعيشها نادي رجاء بني ملال،
طفت إلى السطح مجموعة من الإشكالات المؤسساتية التي تطرح تساؤلات جوهرية حول من
يُدبّر شؤون النادي فعليًا، ومدى احترام القوانين التنظيمية التي تؤطر العلاقة بين
مختلف الأجهزة المسيرة.
لجنة مؤقتة... وصلاحيات متداخلة
عقب انعقاد الجمع العام العادي أواخر يوليوز
المنصرم، تم تعيين الصيدلاني عبد النبي الحلماوي رئيسًا للجنة مؤقتة لتسيير شؤون
النادي، في خطوة اعتُبرت آنذاك مؤشراً إيجابياً نحو فتح صفحة جديدة تُنهي سنوات من
التخبط وسوء التدبير.
لكن، وبالرغم من هذه المبادرة، لا تزال الصورة
غير واضحة بخصوص توزيع الصلاحيات بين اللجنة المؤقتة والشركة الرياضية لرجاء بني
ملال، وهي الجهة التي يفترض أن تتكلف بتسيير الفريق الأول، خصوصاً على المستوى
المالي والتقني.
غياب الشركة... و"كارت بلانش" لرئيس
اللجنة؟
خلال تقديم المدرب عبد الإله صابر، تم ذلك من
طرف رئيس اللجنة المؤقتة فقط، في غياب تام لرئيس الشركة الرياضية أو أي من
ممثليها، علماً أن التوقيع مع الأطر التقنية واللاعبين يدخل ضمن صلاحيات هذه
الأخيرة حصراً.
غياب الشركة في هذه المناسبة الرسمية، وترك
زمام الأمور للجنة المؤقتة، يطرح أكثر من علامة استفهام: هل تعيش الشركة
حالة عجز فعلي أو مؤقت عن أداء مهامها؟ أم أن هناك خلافاً داخلياً أو انسحاباً
صامتاً من مشهد التسيير؟
وفي غياب توضيح رسمي، يبدو أن رئيس اللجنة
المؤقتة يتصرف بصلاحيات موسعة، تكاد تُشبه ما يُعرف إداريًا بـ"Carte Blanche"،
ما قد يُعد تجاوزاً للقانون التنظيمي ويهدد التوازن المؤسساتي داخل النادي.
بلاغات أحادية... ومسؤولية مغيّبة
في الآونة الأخيرة، أصدرت اللجنة المؤقتة
بلاغًا باسمها فقط، دون أي إشارة إلى موقف الشركة الرياضية، يُعلن عن فتح باب
الترشيح لتدريب الفريق الأول، لتُتوج الخطوة لاحقًا برسالة شكر للمدرب السابق محمد
البكاري على خدماته، وهو ما فُهم كإعلان رسمي عن نهاية العلاقة بين الطرفين.
مرة أخرى، غابت الشركة الرياضية عن هذه
الخطوات، رغم أن الاختصاص القانوني في هذه الملفات يعود إليها، ما يزيد من تعقيد
المشهد التنظيمي، ويجعل الاستمرار في هذا الأسلوب مخاطرة كبيرة على مستوى التسيير.
إذا كانت الشركة عاجزة... فلتُصرّح بذلك
إن كانت الشركة الرياضية تمر فعلاً بظرف حال
دون اضطلاعها بمهامها، فإن الحد الأدنى من الشفافية يقتضي أن تُصدر بلاغًا رسميًا
تُعلن فيه هذا العجز، سواء كان ظرفياً أو دائمًا، حتى يتمكن النادي من اتخاذ
الإجراءات المناسبة لضمان استمرارية التسيير وفق القانون.
أما الغياب غير المبرر أو التسيير من وراء
الستار، فهو سلوك يُفرغ المؤسسات من معناها ويجعل المحاسبة شبه مستحيلة.
جدل في تركيبة اللجنة المؤقتة... وأين هم
المنخرطون؟
ما أثار الكثير من علامات الاستفهام أيضًا هو
أن رئيس اللجنة المؤقتة، في تشكيله للجنة، اقتصر على اختيار أسماء من خارج قاعدة
المنخرطين و اللاعبين القدماء ، دون أن يكون بينهم أحد ممن واكبوا النادي أو
راكموا تجربة ميدانية داخله.
هذا الإقصاء الضمني للمنخرطين،أو قدماء اللاعبين
سواء عن وعي أو لا، يُثير تساؤلات مشروعة:
أليس بين المنخرطين و اللاعبين القدماء من
يمتلك الحكمة والخبرة والغيرة الكافية للمساهمة في تسيير النادي؟
وإن لم يكونوا مؤهلين في نظر اللجنة، فما الذي يضمن أن الأعضاء الجدد، الذين لم يسبق لهم التسيير في هذا المستوى، سينجحون؟
إن تسيير نادٍ بحجم رجاء بني ملال يتطلب أكثر
من النية الطيبة. يتطلب فهمًا عميقًا لخصوصية المرحلة، والتجربة الميدانية،
والقدرة على اتخاذ قرارات دقيقة في وقت قصير. وهو ما يجعل غياب أصحاب التجربة داخل
اللجنة أمرًا يبعث على القلق.
من أجل إنقاذ النادي... لا بد من قرارات شجاعة
الوضع الحالي لا يحتمل المزيد من الغموض أو
المجاملة. رجاء بني ملال نادٍ عريق يستحق تسييرًا مؤسساتيًا واضحًا، لا مجال فيه
لتضارب الصلاحيات أو الهيمنة الفردية أو تغييب الكفاءات الموجودة داخل النادي.
ومن هنا، فإن المرحلة تفرض ما يلي:
توضيح العلاقة القانونية والتنظيمية بين اللجنة
المؤقتة والشركة الرياضية، وفق ما ينص عليه الإطار القانوني المعمول به.
إلزام كل طرف باحترام اختصاصاته، لا سيما في ما
يتعلق بالتعاقدات، التسيير المالي، والتواصل الرسمي.
فتح نقاش داخلي مسؤول وشفاف، لإعادة ترتيب
البيت الداخلي على أسس واضحة ودائمة، بمشاركة كل الأطراف.
تفعيل آليات المحاسبة إن تبين وجود تقصير أو
تجاوز من أي جهة، لأن لا أحد فوق القانون، ولأن المال العام والسمعة الرياضية خطّ
أحمر.
ختامًا... إن مستقبل نادي
رجاء بني ملال لا يُبنى على الأشخاص، بل على مؤسسات قوية تحترم القانون وتشتغل في
انسجام.
والتاريخ لن يرحم من يفرّط في هذه اللحظة
التاريخية، أو يضع المصلحة الشخصية فوق مصلحة النادي.
فإما الوضوح... أو الفوضى.
إما التسيير المؤسساتي... أو العودة إلى دوامة
القرارات الفردية.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق