تعليق حملة مراقبة الدراجات النارية في المغرب.. بين الغضب الشعبي والمهلة الانتقالية





في خطوة مفاجئة، قررت الحكومة المغربية تعليق حملة مراقبة الدراجات النارية التي أثارت جدلاً واسعاً خلال الأيام الأخيرة، وذلك بعد موجة من الغضب الشعبي وردود الفعل الغاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي. القرار جاء عقب اتصال أجراه رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، بوزير النقل واللوجيستيك، عبد الصمد قيوح، صباح يوم الخميس 21 غشت 2025، حيث تم الاتفاق على منح مهلة انتقالية لمدة 12 شهراً لسائقي الدراجات النارية من أجل التكيف مع القوانين والمعايير المعمول بها.

شهدت شوارع العديد من المدن المغربية مؤخراً حملات أمنية مكثفة استهدفت الدراجات النارية، خصوصاً من نوع 49 سنتيمتر مكعب. هذه الحملات اعتمدت وسائل تقنية حديثة لمراقبة السرعة والمطابقة التقنية، وأسفرت عن حجز مئات الدراجات وتغريم أصحابها بمبالغ وصلت في بعض الحالات إلى 30 ألف درهم، وهو ما اعتُبر عقوبة قاسية وغير متناسبة مع الوضعية الاجتماعية والاقتصادية لعدد كبير من مستعملي هذه الوسيلة.

المئات من الشباب، خصوصاً العاملين في قطاع التوصيل والمياومة، عبّروا عن امتعاضهم من هذه الإجراءات، معتبرين أنها تستهدف فئة هشة تعتمد على الدراجات النارية كوسيلة رزق يومية. على مواقع التواصل الاجتماعي، انتشرت حملات تحت وسم “خليها فالدار” كنوع من الاحتجاج الرمزي على ما وُصف بالإجراءات “الزجرية والمفاجئة”.

منح الحكومة مهلة انتقالية مدتها عام كامل يعكس رغبة في تهدئة الأوضاع وتخفيف الضغط الاجتماعي، وفي الوقت نفسه فتح المجال أمام التوعية والتحسيس بمخاطر التعديلات التقنية التي تطال محركات الدراجات النارية. كما تهدف هذه المرحلة إلى إلزام المستوردين بالامتثال للقوانين والحرص على إدخال دراجات مطابقة للمعايير المعمول بها، بما يحدّ من الفوضى في السوق ويعزز السلامة الطرقية.

يبقى التحدي الأكبر أمام الحكومة هو تحقيق التوازن بين مقتضيات السلامة الطرقية وحماية أرواح المواطنين، وبين الحفاظ على القدرة الشرائية لفئة واسعة من المجتمع المغربي التي ترى في الدراجة النارية وسيلة عيش وليست مجرد وسيلة نقل. نجاح هذه الفترة الانتقالية سيعتمد بالأساس على إشراك الجمعيات المهنية، وتكثيف الحملات التوعوية، وإيجاد حلول بديلة تراعي الوضعية الاجتماعية للمتضررين.

تعليق الحملة ومنح مهلة انتقالية خطوة تعكس استجابة حكومية سريعة لضغط الشارع، لكنها في الوقت ذاته اختبار حقيقي لمدى قدرة الدولة على تدبير ملف حساس يجمع بين الاقتصاد غير المهيكل، السلامة الطرقية، والعدالة الاجتماعية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق