دخول اجتماعي ساخن يلوح في الأفق بين الحكومة والمركزيات النقابية




يدخل المغرب مرحلة حساسة مع اقتراب “الدخول الاجتماعي” المقبل، حيث تزداد مؤشرات التصعيد بين الحكومة والمركزيات النقابية الكبرى، في ظل تراكم الملفات الاجتماعية العالقة، وتنامي المخاوف من توظيف الاستحقاقات المهنية القادمة لخدمة حسابات سياسية وحزبية.

يأتي هذا الدخول الاجتماعي في ظرفية اقتصادية واجتماعية دقيقة. فارتفاع تكاليف المعيشة وتآكل القدرة الشرائية للطبقة العاملة يفرضان ضغوطًا مضاعفة على النقابات، بينما تواجه الحكومة معادلة صعبة بين ضبط النفقات العمومية والاستجابة للمطالب الاجتماعية. في المقابل، يشكك الفاعلون النقابيون في وضوح الرؤية الحكومية، ويتهمونها بالمماطلة أو الاكتفاء بخطاب تهدئة غير متبوع بإجراءات ملموسة.

الميلودي موخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، وضع مطلب الزيادة العامة في الأجور على رأس أولويات النقابة، معتبرًا أن الحكومة فشلت في حل العديد من الملفات رغم وجود آليات للتشاور والحوار. انتقاده لعدم التزام بعض الوزراء بدورية رئيس الحكومة حول تفعيل الحوارات القطاعية يعكس تصورًا بأن الخلل ليس فقط في المخرجات، بل في غياب إرادة تنظيمية وتنسيقية داخل الجهاز التنفيذي نفسه. كما أن تحذيره من إدخال السياسة في الانتخابات المهنية المقبلة يوحي بوجود خشية من إعادة سيناريوهات استغلال الانتماءات الحزبية للإضرار بنزاهة العملية الانتخابية.

بالنسبة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، فإن التخوف الأكبر يكمن في طريقة تمرير مشاريع القوانين، حيث ترى أن الحكومة تتبنى خطابًا توافقيًا في المداولات الأولية، لكنها تفاجئ النقابات بصياغات نهائية مخالفة. هذا النهج، بحسب نائب الكاتب العام بوشتى بوخالفة، يهدد الثقة بين الطرفين، ويؤشر على ضعف الشفافية في صناعة القرار الاجتماعي.

سيناريوهات الدخول الاجتماعي

  1. تصعيد متدرج: استمرار التباعد في المواقف سيدفع النقابات إلى تصعيد الضغط عبر الاحتجاجات والإضرابات القطاعية، ما قد يضع الحكومة في موقف دفاعي أمام الرأي العام.

  2. مفاوضات مشروطة: قد تسعى الحكومة إلى تقديم تنازلات محدودة (مثل زيادات انتقائية في الأجور أو تسوية بعض الملفات الجزئية) لامتصاص الغضب، دون فتح باب تنازلات واسعة.

  3. توافق مرحلي: في حال قررت الحكومة فتح حوار شفاف ومباشر، يمكن التوصل إلى اتفاق مرحلي يضمن تهدئة الأجواء إلى ما بعد الانتخابات المهنية.

الدخول الاجتماعي المقبل مرشح لأن يكون من أكثر المواسم التفاوضية سخونة خلال السنوات الأخيرة، ليس فقط بسبب المطالب الاجتماعية الملحة، بل أيضًا بفعل تشابك المعطيات السياسية والانتخابية. وفي غياب مبادرات حكومية واضحة، فإن الساحة قد تشهد تصعيدًا يعكس حجم الاحتقان الاجتماعي ويعيد النقابات إلى صدارة المشهد السياسي.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق