الخطاب الملكي: دعوة إلى تغيير العقليات وتسريع التحول التنموي

 





الخطاب الملكي: دعوة إلى تغيير العقليات وتسريع التحول التنموي

 

إما أن نغير عقلياتنا ونلتحق بركب ”المغرب الصاعد والمتضامن“، أو نبقى أسرى الممارسات القديمة التي تستهلك الزمن وتبدد الطاقات.


بقلم: محمد المخطاري

جاء الخطاب الملكي الأخير لجلالة الملك محمد السادس ليجدد الدعوة إلى إحداث نقلة نوعية في النموذج التنموي المغربي، ويؤكد أن المرحلة المقبلة تقتضي عملاً ميدانياً ناجعاً يقوم على النتائج الملموسة، لا على الوعود والخطط الورقية. فقد شكل هذا الخطاب خريطة طريق واضحة نحو مغرب أكثر عدالة وإنصافاً، يقوم على تكافؤ الفرص بين الأفراد والمجالات، وعلى تعبئة شاملة لكل الطاقات الوطنية.

أولى الرسائل التي حملها الخطاب تمثلت في ضرورة تغيير العقليات وثقافة العمل، باعتبار أن التنمية الحقيقية لا يمكن أن تتحقق دون تجديد في طرق التفكير وأساليب التدبير، واعتماد التكنولوجيا والمعطيات الدقيقة في التخطيط والتنفيذ. إنها دعوة إلى القطع مع ثقافة التبرير والبطء، والانتقال إلى منطق الكفاءة والمحاسبة والنتائج.

أما الرسالة الثانية، فتمثلت في إطلاق جيل جديد من البرامج التنموية أكثر سرعة وفعالية، تكون قادرة على تحقيق أثر ملموس في حياة المواطنين، لأن التنمية – كما أكد جلالته – ليست ظرفية حكومية بل مشروع وطني طويل الأمد، يتجاوز الأزمنة السياسية والحسابات الانتخابية.

وفي السياق نفسه، شدد الخطاب على تحقيق العدالة المجالية بين الحضر والقرى، من خلال إقامة علاقات تكاملية تضمن توازناً في توزيع المشاريع والفرص، حتى لا يبقى أي مجال على هامش التنمية. كما ركز على إعطاء الأولوية للشباب والتعليم والصحة باعتبارها مجالات محورية في بناء المستقبل، وأساس تحسين مستوى العيش وتقليص الفوارق الاجتماعية.

ومن جهة أخرى، دعا الملك إلى محاربة الهدر وضعف المردودية في تدبير الشأن العام، مشدداً على ضرورة ترشيد المال العام وضمان النجاعة في الاستثمار العمومي. كما أولى اهتماماً خاصاً بضرورة تنمية المناطق الجبلية والساحلية عبر برامج مندمجة تراعي خصوصياتها البيئية والاجتماعية، وتحقق التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية الموارد الطبيعية.

واختُتم الخطاب الملكي بتأكيد جلالته أن العدالة الاجتماعية والمجالية ليست شعاراً عابراً، بل خياراً استراتيجياً يجسد رؤية “المغرب الصاعد والمتضامن”، ويستدعي تعبئة شاملة لكل الفاعلين من أجل تحقيق تنمية مستدامة يشعر بثمارها كل مواطن أينما كان.

إن الخطاب الملكي في جوهره دعوة صريحة إلى بناء مغرب جديد بعقليات جديدة، يقوم على العمل الميداني، والمساءلة، والتكامل بين الإنسان والمجال. فهو تجسيد لإرادة ملكية قوية في جعل التنمية شاملة، عادلة، وفعالة، تعكس طموح المغاربة في غد أفضل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق