الفقيه بن صالح وأزيلال.. لشكر يقود مؤتمر العدالة الترابية نحو تنمية منصفة للإقليمين.






قاد إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، دينامية تنظيمية لافتة عبر ترؤسه المؤتمرين الإقليميين الثالثين للحزب بكل من الفقيه بن صالح وأزيلال، حيث جسّد الخطابان السياسيان في المحطتين رسالة واحدة متعددة الزوايا: إعادة الاعتبار للعدالة المجالية بوصفها مدخلاً عملياً لتنمية منصفة، وتثبيت التعاقد الاجتماعي في الصحة والتعليم والتشغيل كأولوية لا تقبل التأجيل. ففي الفقيه بن صالح، مساء الخميس 2 أكتوبر 2025، انطلقت الأشغال بفضاء دعاء الفرح بجماعة أولاد زمام تحت شعار يوحّد المقاربة: “عازمون على النضال من أجل تنمية عادلة ومنصفة للإقليم”، مقدّماً تشخيصاً مباشراً لوضع اجتماعي ضاغط عنوانه بطالة الشباب وتراجع الخدمات الأساسية، ومشدداً على أن الدولة الاجتماعية ليست شعاراً انتخابياً بل التزاماً عملياً يجب أن ينعكس في التمويل والحكامة وقياس الأثر على الفئات الهشة. وفي اليوم الموالي، الجمعة 3 أكتوبر 2025، احتضنت قاعة الأفراح نجمة أزيلال المؤتمر الإقليمي الثالث تحت شعار “إقليم أزيلال… عدالة ترابية مدخل لتحقيق التنمية المحلية”، حيث وُضع ثقل النقاش على الفوارق المجالية وفك العزلة وتثمين الموارد الطبيعية والبشرية كرافعات للتدارك، بما يترجم خطاب العدالة إلى برامج ترابية قابلة للتتبع والتقييم.

المحطتان تندرجان ضمن رزنامة تنظيمية أوسع يقودها المكتب السياسي لتجديد الهياكل وتقوية الحضور الترابي، غير أن خصوصية الفقيه بن صالح وأزيلال تكمن في أن التحديات المطروحة فيهما ملموسة ومركبة: جفاف ممتد يضغط على دورة الماء والفلاحة والدخل، بنية خدمات عمومية بحاجة إلى تسريع وإعادة تموقع، وفوارق مجالية تحوّل التضاريس والبعد الجغرافي إلى كوابح أمام الاستثمار والخدمات. في الفقيه بن صالح، برزت نبرة نقدية لأداء السياسات القطاعية في الصحة والتعليم، مع دعوة إلى مساءلة الجدوى الفعلية للإنفاق العمومي وربطه بمؤشرات خدمة المواطن، والقطع مع كل أشكال الريع التي تُفرّغ الإصلاح من محتواه. بينما في أزيلال، تركزت الرسالة على تنزيل العدالة الترابية من خلال مسارات عملية: فك العزلة الطرقية، دعم الخدمات الأساسية في الوسط القروي والجبلـي، إدماج الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وتوجيه الاستثمار نحو سلاسل قيمة محلية تخلق أثراً سريعاً في الدخل والشغل.

هذا الحضور المزدوج للخطاب الاجتماعي والترابي ترافق مع مقترح سياسي ذي نفس تعبوي، قوامه الانتقال من أدوات رقابية برلمانية إلى تعاقد مجتمعي أوسع يعيد الثقة ويمنح المواطنين موقع الشريك في التغيير، بما يعكس قراءة الحزب لموجة احتجاجات الشباب ومطالبهم في الشغل والعدالة وجودة الخدمات. وتكشف الشعارات المختارة للمؤتمرين عن محاولة صوغ بوصلة سياسية موحدة: من جهة، تثبيت العدالة كقيمة موجِّهة لبرامج التنمية على مستوى الإقليم؛ ومن جهة أخرى، تحويل التنظيم الحزبي إلى رافعة تأطير ومساءلة ومرافعة داخل المؤسسات المنتخبة ومع السلطات العمومية على حد سواء.

عملياً، خرج المؤتمرون بتوجهات يمكن تلخيصها في ثلاث حزم: أولاً، حوكمة اجتماعية محلية تضع مؤشرات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية في صلب التقييم الدوري لأداء المؤسسات والقطاعات الشريكة، مع التزام بتوسيع عرض الخدمات الأساسية في الجماعات الهشة. ثانياً، عدالة ترابية تنفيذية عبر مخططات تسريع للمشاريع الطرقية والمائية والطاقية، وربطها بفرص شغل مباشرة عبر الصفقات المحلية وحوافز للمقاولات الصغرى والمتوسطة. ثالثاً، تعبئة تنظيمية وانتخابية تعيد ربط القرب السياسي بحاجات السكان، وتؤهل الهياكل لتقديم مبادرات تشريعية واقتراحية تستند إلى معطيات ميدانية لا إلى عموميات خطابية. وبين الفقيه بن صالح وأزيلال، بدا أن الرهان واحد: تحويل غضب اجتماعي مشروع إلى مسارات حلول قابلة للقياس، وترجمة العدالة من شعار جامع إلى سياسة عمومية تفصيلية تُقاس بالأثر على الأسرة والشاب والقرية والحي.

بهذه المخرجات، يبعث الاتحاد الاشتراكي رسالة مفادها أن زمن العناوين الكبرى قد ولّى لصالح خرائط طريق إقليمية دقيقة، وأن إعادة الثقة تمر عبر ثلاثة مفاتيح: وضوح الأولويات، مصداقية التنفيذ، وشفافية التتبع. وفي إقليمين يختزلان مشهد الفوارق والتطلعات في المغرب العميق، تبدو هذه المعادلة اختباراً سياسياً وتنفيذياً في آن، حيث تصبح المؤتمرات الإقليمية ليس فقط محطات تنظيمية، بل منصات لوصل السياسة بحياة الناس وتثبيت العدالة الاجتماعية والمجالية كمعيار النجاح الوحيد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق