الملك يدعو إلى جدية برلمانية وتسريع التنمية وتحسين عيش المواطنين




وجّه الملك محمد السادس دعوة صريحة لنواب البرلمان للعمل بروح الجدية والمسؤولية في الدفاع عن قضايا المواطنين، مؤكداً أن أي تنافس بين المشاريع الكبرى يفقد جدواه ما دام الهدف المشترك هو تنمية البلاد وتحسين مستوى العيش للجميع. جاء ذلك خلال خطاب افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان، حيث شدّد على أن الرهان الحقيقي يكمن في وحدة الجهود وتكامل البرامج بدل تشتتها في سباق شكلي لا يخدم مصالح المواطنين.

وركّز الخطاب الملكي على ضرورة مواكبة وتأطير المواطنين والتعريف الممنهج بالمبادرات العمومية، ولا سيما تلك المتعلقة بصون الحريات وضمان ممارسة الحقوق، مبرزاً أن هذه المهمة ليست حكراً على مؤسسات الدولة، بل هي مسؤولية مشتركة تشمل الأحزاب السياسية والمنتخبين ووسائل الإعلام وكل القوى الحية للأمة. بهذا المعنى، دعا الخطاب إلى شراكة مواطِنة قائمة على التواصل الفعّال، والشرح الواضح، وتقديم الحساب، بما يعزّز الثقة في الفعل العمومي ويقرّب السياسات من انتظارات المجتمع.

وفي الشق التنموي، شدّد الملك على الحاجة إلى تسريع وتيرة برامج التنمية الترابية، مع إيلاء أولوية عملية لتوفير فرص الشغل والنهوض بقطاعي الصحة والتعليم باعتبارهما القاعدة الاجتماعية للتقدم. كما دعا إلى معالجة الفوارق المجالية عبر العناية بالمناطق الأكثر هشاشة، وخاصة الجبال والواحات، بما يستجيب لخصوصياتها المناخية والاقتصادية والديمغرافية. وتوقف الخطاب أيضاً عند أهمية التفعيل الأمثل لآليات التنمية المستدامة على امتداد السواحل الوطنية، لما لذلك من أثر مباشر على الاقتصاد الأزرق، وحماية المنظومات البيئية الساحلية، وتحفيز الاستثمار المنتج.

وتُقرأ هذه التوجيهات في سياق وطني يتطلب حوكمة أكثر نجاعة، وربطاً أوثق بين التخطيط والتنفيذ والتقييم، وتنسيقاً مؤسسياً يضمن الاتساق بين المشاريع القطاعية والبرامج الجهوية. كما تضع هذه التوجيهات المؤسسة التشريعية أمام مسؤولية تسريع الإطار القانوني والتنظيمي الداعم للاستثمار وفرص العمل، وتحسين جودة الخدمات العمومية، وتيسير مسالك تمويل المشاريع، مع رقابة فعّالة تُعلي من الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة.

وبين دعوة الجدية وتوحيد الجهود من جهة، وتسريع التنمية والعدالة المجالية من جهة أخرى، يرسم الخطاب خارطة طريق عملية تضع المواطن في قلب السياسات، وتراهن على تواصل مؤسسي مهني، وتخطيط متكامل، وتنفيذ منضبط للمشاريع وفق أولويات اجتماعية واضحة، بما يعزز الثقة ويُترجم الوعود إلى أثر ملموس على أرض الواقع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق