تقرير دولي: الاستخبارات المغربية من العمل التقليدي إلى مواجهة التهديدات الهجينة

 




 

أكد تقرير حديث صادر عن معهد "روك" المتخصص في الأبحاث الاستراتيجية أن أجهزة الاستخبارات المغربية رسخت موقعها كإحدى أكثر المنظومات الأمنية فاعلية في المنطقة، بفضل مزيج من العمل الاستباقي، والتعاون الدولي، والتحديث المستمر لأدواتها، في مواجهة طيف واسع من التهديدات التقليدية والحديثة.

التقرير، المعنون بـ "الاستخبارات في المغرب: التطور القانوني، التحولات الاستراتيجية، ورهانات السيادة في عصر التهديدات الهجينة"، شدد على أن الاستخبارات لم تعد مجرد أداة للوقاية من الجريمة أو الإرهاب، بل وسيلة لتعزيز السيادة الوطنية، خاصة في عالم سريع التغير حيث تسبق المعلومات القوانين.

أوضح التقرير أنه قبل تأسيس المؤسسات الحديثة، كان "المخزن" يعتمد على شبكات من المخبرين المحليين، غالبًا من النخب القبلية أو الدينية، لتزويد السلطة المركزية بتقارير آنية حول أوضاع البلاد.

وبعد الاستقلال، ورث المغرب هياكل أمنية من الحماية الفرنسية، وأعاد تكييفها مع حاجاته، فظهرت أجهزة مركزية مثل:

* المديرية العامة للدراسات والتوثيق (DGED) للعمل الخارجي والقضايا الاستراتيجية الدولية.

* المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (DGST) لمكافحة التهديدات الداخلية والتجسس.

* مصالح الاستعلامات العامة (RG) ضمن الأمن الوطني.

* وحدات الاستخبارات في الدرك الملكيخاصة في الوسط القروي والمجالات الاستراتيجية.

ذكر التقرير أن الإطار القانوني للاستخبارات كان في بداياته بدائيًا، قائمًا على الصلاحيات الإدارية أكثر من النصوص المفصلة. لكن تفجيرات الدار البيضاء في 16 ماي 2003 شكلت نقطة تحول، حيث أُقر القانون رقم **03-03** لمكافحة الإرهاب، الذي أضاف أحكامًا خاصة إلى القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية لتجريم الإعداد والتمويل والترويج للأعمال الإرهابية.

كما أدخل دستور 2011 إصلاحات تلزم أجهزة الاستخبارات بتبرير أي تدخل في الحياة الخاصة بمرجع قانوني واضح وهدف مشروع، وبإشراف سلطة قضائية، لضمان التوازن بين الفعالية الأمنية وحماية الحقوق.

أبرز التقرير أن المنظومة الاستخباراتية المغربية متكاملة ومتنوعة، ولكل جهاز مهام محددة، تشمل مكافحة التجسس، الأمن السيبراني، الاستخبارات المالية، ومراقبة التراب الوطني. ويجري التنسيق الاستراتيجي تحت إشراف الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، ومن خلال الحكومة عبر وزارات الداخلية والخارجية وإدارة الدفاع الوطني.

تواجه الاستخبارات المغربية طيفًا واسعًا من المخاطر، من الإرهاب والجريمة العابرة للحدود، إلى التهديدات السيبرانية وحروب المعلومات. ويشير التقرير إلى أن العقدين الأخيرين شهدا تحولات جذرية، منها:

* قضية المقاتلين الأجانب العائدين من بؤر التوتر.

* تصاعد الهجمات الإلكترونية.

* تسارع وتيرة الحروب المعلوماتية.

كما دعا التقرير إلى الاستثمار في الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة وأنظمة المراقبة المتقدمة، وتوسيع برامج التدريب والشراكات الدولية، وإدماج البعد الاجتماعي في المقاربة الأمنية من خلال تعزيز الثقة بين المواطنين والأجهزة الأمنية.

يرى معهد "روك" أن التجربة المغربية أثبتت فعالية الجمع بين المهنية الاستخباراتية، والتعاون الدولي، والقدرة على التكيف. لكن المرحلة المقبلة، مع بروز مخاطر غير تقليدية، تتطلب مزيدًا من تحديث الأدوات، وتعزيز القدرات، وتوسيع شبكة الشراكات لضمان الأمن الوطني والإقليمي.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق