زيارة بوريطة إلى روسيا.. تأكيد لمكانة المغرب كقوة إقليمية صاعدة

 




في خطوة دبلوماسية جديدة تعكس الحضور القوي للمغرب على الساحة الدولية، قام وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، بزيارة رسمية إلى العاصمة الروسية موسكو، حيث أجرى مباحثات معمقة مع نظيره الروسي سيرغي لافروف.
الزيارة تأتي في إطار أعمال الدورة الثامنة للجنة الحكومية المشتركة المغربية-الروسية للتعاون الاقتصادي والعلمي والتقني، وتشكل محطة مهمة في مسار العلاقات التاريخية بين الرباط وموسكو.

تؤكد هذه الزيارة من جديد على استقلالية القرار الدبلوماسي المغربي، إذ يسعى المغرب إلى تنويع شركائه وتعزيز حضوره في مختلف المحاور الدولية، دون الارتهان لأي طرف.
ففي الوقت الذي يحتفظ فيه المغرب بعلاقات متينة مع شركائه الغربيين، لا يتردد في بناء جسور تعاون متينة مع قوى كبرى من الشرق، مثل روسيا والصين، في إطار رؤية استراتيجية قوامها التوازن والانفتاح والتعددية.

تتناول المباحثات المغربية-الروسية ملفات عدة تشمل التعاون الاقتصادي، والتكنولوجي، والعلمي، إضافة إلى القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، مثل الأمن في الساحل والصحراء، والاستقرار في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وتسعى الرباط من خلال هذه اللقاءات إلى تعزيز التعاون في مجالات الطاقة، الزراعة، والصيد البحري، والبحث العلمي، في وقت تتطلع فيه موسكو إلى توطيد علاقاتها مع إفريقيا عبر بوابة المغرب الذي يُعد من أكثر البلدان استقرارًا وجاذبية للاستثمار في القارة.

أظهرت السنوات الأخيرة أن المغرب أصبح فاعلًا أساسيًا في إدارة التوازنات الإقليمية، بفضل سياسته الخارجية الهادئة والرؤية الملكية التي تضع الاستقرار والتنمية والتعاون جنوب-جنوب في صلب أولوياتها.
ومن هذا المنطلق، فإن زيارة بوريطة إلى موسكو تُجسد مكانة المغرب كـقوة إقليمية صاعدة، قادرة على لعب دور الوسيط والمسهل في القضايا الإقليمية والدولية، خاصة في ظل التوترات التي تشهدها مناطق عدة.

تحمل الزيارة رسائل دبلوماسية واضحة؛ أولها أن المغرب لا ينخرط في سياسة المحاور، بل يسعى إلى بناء علاقات متوازنة ومبنية على المصالح المشتركة.
وثانيها أن الرباط باتت تُنظر إليها في العواصم الكبرى كـشريك موثوق، بفضل استقرارها السياسي وتطور بنيتها الاقتصادية وموقعها الجيوسياسي المتميز بين إفريقيا وأوروبا.

إن زيارة ناصر بوريطة إلى روسيا ليست مجرد حدث بروتوكولي، بل تأكيد فعلي على المكانة التي أصبح يحتلها المغرب في المشهد الإقليمي والدولي.
فهي تعكس نجاح الدبلوماسية المغربية في بناء شبكة علاقات متنوعة، قادرة على حماية المصالح الوطنية، وتعزيز دور المغرب كفاعل رئيسي في صناعة الاستقرار الإقليمي والتعاون الدولي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق