أعلنت الهيئات النقابية والمهنية الأكثر تمثيلية في قطاع الصحافة والنشر عن رفضها القاطع لمشروع القانون المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، متهمة وزير الشباب والثقافة والتواصل بـ"تضليل" المؤسسات الدستورية بخصوص نسبة الأخذ بملاحظات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان.
واعتبرت هذه الهيئات أن التصريحات الحكومية الأخيرة بمجلس المستشارين تمس بمصداقية مؤسسات دستورية وتحوّل النقاش حول إصلاح التنظيم الذاتي للمهنة إلى "فضيحة سياسية وأخلاقية" تستوجب المساءلة.
يروم مشروع القانون رقم 26.25 إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة الذي أُحدث بموجب القانون 90.13 سنة 2016 باعتباره هيئة للتنظيم الذاتي للمهنة.
وقد أُحيل المشروع على المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في يوليوز 2025 لإبداء الرأي، قبل أن تصادق الجمعية العامة للمجلس على رأيها في دورة شتنبر من السنة نفسها.
وتزامنت التصريحات موضوع الجدل مع جلسة المناقشة التفصيلية لمشروع القانون بمجلس المستشارين يوم 1 دجنبر 2025، حيث أكد الوزير أن 80 في المائة من ملاحظات المؤسستين الاستشاريتين قد تم إدماجها في تعديلات النص.
الهيئات النقابية والمهنية، ومن ضمنها النقابة الوطنية للصحافة المغربية والفيدرالية المغربية لناشري الصحف وتنظيمات مهنية أخرى، عبّرت عن اندهاشها الشديد من حديث الوزير عن نسبة 80 في المائة من الملاحظات المعتمدة، متسائلة عن متى وأين وكيف تم إدراج تلك الملاحظات في غياب إطلاع المؤسسة التشريعية والرأي العام على مضمونها.
وطالبت هذه الهيئات وزير الاتصال بالكشف الفوري عن تفاصيل تلك "النسبة" وما هي المقترحات والتوصيات الواردة في رأيي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان التي تم تبنيها في الصيغة المعروضة على مجلس المستشارين ولم تُناقَش في مجلس النواب.
وشدد البيان على أن عددا من الملاحظات الشكلية والجوهرية التي قدّمها المجلسان تكفي وحدها لإسقاط المشروع وسحبه من البرلمان وإعادته إلى مائدة حوار وتفاوض حقيقي يفضي إلى توافق بين مختلف الفرقاء حول تنظيم ذاتي مستقل وديمقراطي للمهنة.
الهيئات النقابية حمّلت الحكومة مسؤولية ما آل إليه وضع قطاع الصحافة والنشر من خروقات تمس القوانين المؤطرة للمجال والدستور والالتزامات الدولية للمغرب، معتبرة أن الصيغة الحالية لمشروع القانون تعكس "مخططًا للهيمنة والتحكم" في مؤسسة التنظيم الذاتي.
وجددت تلك الهيئات رفضها المطلق لمشروع القانون، مؤكدة تشبثها العميق بفلسفة التنظيم الذاتي القائم على استقلالية المجلس الوطني للصحافة، والديمقراطية، والانتخاب باللائحة والتمثيل النسبي للصحافيين والناشرين، مع تعزيز حضور الجمهور داخل تركيبة المجلس.
ودعا البيان فرق الأغلبية إلى الانخراط في مراجعة جوهرية للنص بما ينسجم مع مبادئ حرية التعبير والتعددية والتمثيلية والاستقلالية، والأخذ الجدي بملاحظات وتوصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان بدل الاكتفاء بتوظيفها في الخطاب السياسي.
على صعيد آخر، أدانت الهيئات النقابية والمهنية بأقصى العبارات ما وصفته بفضيحة التسجيل السمعي البصري المنسوب لأعضاء لجنة التأديب والأخلاقيات باللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة، وما تضمنه من عبارات تحقير وإساءة وإهانة وتآمر في حق الصحافي حميد المهداوي، مطالِبة بترتيب الآثار القانونية اللازمة.
وثمّن البيان مواقف المعارضة البرلمانية النقابية والسياسية داخل مجلس المستشارين الرافضة لمشروع القانون بصيغته الحالية ودعواتها إلى فتح حوار اجتماعي شامل مع مختلف الهيئات المهنية قصد بلورة قانون توافقي يؤسس لممارسة صحافية سليمة ويحترم حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير.
كما دعا الجسم الصحافي والإعلامي إلى مزيد من التعبئة والاستعداد التنظيمي والنضالي لمواجهة ما وصفه بلوبي الاحتكار والريع والتحكم، والتصدي لكل محاولة لاستغلال مشروع إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة من أجل تفصيل مؤسسة التنظيم الذاتي على مقاس مصالح سياسية وفئوية ضيقة.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق