أكد رئيس
الحكومة، عزيز أخنوش، خلال جلسة المساءلة الشهرية بمجلس المستشارين، أن الحكومة
تضع التشغيل في صلب أولوياتها باعتباره دعامة أساسية لصون كرامة المواطن وتحقيق
العيش الكريم للأسر، فضلاً عن ارتباطه الوثيق بمناخ الاستثمار والدينامية
الاقتصادية. وفي هذا السياق، أوضح أن الحكومة شرعت في تنزيل خارطة طريق شاملة ترمي
إلى تقليص معدل البطالة إلى 9% وخلق حوالي 1,45 مليون منصب شغل في أفق سنة 2030.
ولتحقيق هذا الهدف، تم رصد غلاف مالي يناهز 14 مليار درهم ضمن قانون مالية 2025،
يتوزع بين دعم الاستثمار بأكثر من 12 مليار درهم، وتخصيص مليار درهم للحفاظ على
مناصب الشغل في القطاع الفلاحي، ومليار درهم إضافي لتحسين البرامج النشطة للتشغيل.
وأشار
أخنوش إلى أن خارطة الطريق تولي اهتماماً خاصاً للفئات الأكثر هشاشة، من خلال
توسيع البرامج لتشمل غير الحاصلين على شهادات، وتعزيز التكوين بالتدرج المهني،
ومحاربة الهدر المدرسي، ورفع الحواجز التي تعيق إدماج النساء في سوق الشغل.
على صعيد
آخر، أشار رئيس الحكومة إلى أن الإجراءات الاقتصادية والمالية المتخذة من طرف
الحكومة، إلى جانب تدابير السياسة النقدية، ساهمت في الحد من التضخم وضمان استقرار
أسعار المواد الأساسية، من خلال تخصيص دعم مالي قدره 88,2 مليار درهم خلال الفترة
ما بين 2022 و2024. كما تم تخصيص 8,6 مليار درهم لدعم مهنيي النقل، و20 مليار درهم
لمواجهة آثار الجفاف على القطاع الفلاحي، إلى جانب إعفاءات ضريبية تخص الاستيراد
وبعض المنتجات الفلاحية، مع دعم المكتب الوطني للكهرباء والماء بميزانية بلغت 17
مليار درهم لضمان استقرار فواتير الكهرباء.
وفي ذات
السياق، شدد أخنوش على أن بناء الدولة الاجتماعية الحديثة يشكل خياراً استراتيجياً
تتبناه الحكومة منذ بداية ولايتها، ليس فقط لمواجهة التحديات الظرفية، بل لتجسيد
رؤية مجتمعية يقودها جلالة الملك محمد السادس، تقوم على ضمان الكرامة والعدالة
الاجتماعية لكل المواطنين. ومن هذا المنطلق، عملت الحكومة على تسريع وتيرة تعميم
الحماية الاجتماعية، من خلال تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، وإطلاق
برنامج الدعم الاجتماعي المباشر. وقد بلغت نفقات هذا الورش سنة 2024 حوالي 32
مليار درهم، مع توقعات ببلوغها 39 مليار درهم في 2025 وأكثر من 41 مليار درهم في
2026.
كما تم
توسيع أنظمة التقاعد، وتعميم التعويض عن فقدان الشغل لفائدة العاملين الذين
يتوفرون على شغل قار، في أفق نهاية سنة 2025. وفي ما يخص قطاع الصحة، أطلقت
الحكومة إصلاحًا شاملًا لمنظومته، من خلال رؤية مندمجة تهدف إلى تعزيز جودة
الرعاية الصحية، حيث ارتفعت ميزانية القطاع من 19,7 مليار درهم في 2021 إلى 32,6
مليار درهم في 2025. كما تسعى الحكومة إلى تفعيل خارطة الطريق لإصلاح التعليم
للفترة 2022-2026، وهي خارطة مستمدة من القانون الإطار لمنظومة التربية والتكوين،
حيث تم تخصيص أكثر من 85 مليار درهم لقطاع التعليم في 2025، مع برمجة زيادة سنوية
في الموارد بقيمة 9.5 مليارات درهم إلى غاية سنة 2027.
وفي إطار
تحسين الظروف الاجتماعية، أشار رئيس الحكومة إلى تفعيل الميثاق الوطني للحوار
الاجتماعي، والذي أفضى إلى اتفاقات مهمة شملت الزيادة في الأجور لحوالي 4,25 مليون
مواطن، منهم 1,25 مليون موظف بالقطاع العام، و3 ملايين أجير في القطاع الخاص، وذلك
بكلفة إجمالية فاقت 45 مليار درهم في أفق 2026. وقد استفاد الموظفون من زيادة
شهرية صافية بقيمة 1000 درهم موزعة على مرحلتين، كما تم رفع الحد الأدنى للأجر في
القطاعات غير الفلاحية بنسبة 15% ليصل إلى 3,046 درهم، وفي القطاعات الفلاحية
بنسبة 20% ليصل إلى 2,255 درهم.
وختم
أخنوش بالتأكيد على أن الحكومة حرصت منذ انطلاق ولايتها على تصحيح مسار المالية
العمومية واستعادة توازناتها الكبرى، بما يتيح هوامش مالية حقيقية لتنزيل
الإصلاحات الكبرى والاستجابة لتطلعات المواطنين، في إطار رؤية تنموية متكاملة
تراعي التوازن بين النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية، تحت القيادة الرشيدة
لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق