المغرب والبيرو أكثر من مباراة كرة



 تسلط مباراة المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم مع نظيره البيروفي الضوء على العلاقات المغربية البيروفية، هذه العلاقات التي تعرف في الآونة الأخيرة مدا وجزرا يرتبط أساسا بموقف ليما من القضية الوطنية، إذ هي النظارة التي ينظر بها المغرب للعالم، بها يقيس صدق الصداقات ونجاعة الشراكات كما أكد جلالة الملك في خطاب الذكرى 69 لثورة الملك والشعب في 20 غشت 2022، ولنفهم أكثر هذا التخبط في موقف ليما لا بد أن نسترجع الأحداث خلال الأشهر الماضية إذ سحبت هذه الدولة اللاتينية اعترافها بجمهورية الوهم في 18 غشت 2022، في عهد الرئيس السابق بيدرو كاستيو المنتمي لليسار الراديكالي هذا الأخير الذي سيعدل عن قراره بعد أقل من شهر ويعلن دعمه لجمهورية الوهم ما حذا بوزير خارجيته آنذاك ميغيل أنخيل ماكاي إلى الإستقالة استهجانا لميزاجية الرئيس، ويبدو أن هذا الأخير سيفشل في تدبير الوضع الداخلي للبلاد كفشله في تحديد موقف واضح لسياسته الخارجية ما دفع البرلمان إلى عزله في 8 دجمبر 2022 وإيداعه سجن باربادييو بتهم التمرد وخرق النظام الدستوري إضافة إلى فضائحه المالية كابتزازه للمغرب للحصول على شحنات فوسفاط مجانية.

واليوم تتفاقم المشاكل الداخلية في البيرو التي يفوق عدد سكانها 31 مليون نسمة، مع احتجاجات شبه يومية منذ عزل الرئيس السابق، إضافة إلى تبعات الأزمات الدولية، والرهان أمام الرئيسة الجديدة دينا بولوارتي تنظيم الإنتخابات خلال السنة الحالية أمام رفض غالبية البرلمان الذي يتمسك بموعد أبريل 2024 .

إن البيرو الناطقة بالإسبانية والعضو في اتحاد دول أمريكا الجنوبية تعد من بين رهانات الديبلوماسية المغربية في انفتاحها على أمريكا اللاتينية لتعزيز التقارب جنوب جنوب، وبدورها البيرو أول مصدر للمنتجات البحرية في العالم، تسعى كما أكد رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس البيروفي إيرنستو بوستامانتي في زيارة سابقة للمغرب إلى تعزيز مبادلاتها التجارية مع المغرب ومراجعة النظام الجمركي خاصة على الفواكه والخضر، فيما تستورد الفوسفاط المغربي ما يرجح الميزان التجاري بين البلدين لصالح المغرب.

إن انفتاح المغرب على مقارعة كرة القدم اللاتينية كالشيلي والبرازيل والبيرو مع تألق الأسود الذين يسطرون أمجاد المستديرة في إفريقيا لا بد من أن يجد صداه في هذه البلدان، بما يخدم مصالح الشعوب الثالثية في القارتين، ويدفع بالتعاون جنوب جنوب للسرعة القصوى للتموقع في عالم اليوم الذي يسير بالتأكيد نحو إعادة تموقع القوى الكبرى ستفرزه باقي تطورات الأحداث العالمية في مستقبل الأيام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق